خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلذِّكْرَ وَخشِيَ ٱلرَّحْمـٰنَ بِٱلْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ
١١
إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي ٱلْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُواْ وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِيۤ إِمَامٍ مُّبِينٍ
١٢
وَٱضْرِبْ لَهُمْ مَّثَلاً أَصْحَابَ ٱلقَرْيَةِ إِذْ جَآءَهَا ٱلْمُرْسَلُونَ
١٣
إِذْ أَرْسَلْنَآ إِلَيْهِمُ ٱثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوۤاْ إِنَّآ إِلَيْكُمْ مُّرْسَلُونَ
١٤
قَالُواْ مَآ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَآ أَنَزلَ ٱلرَّحْمَـٰنُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ
١٥
-يس

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ ابو بكر عن عاصم { فعززنا } مخففاً بمعنى فقهرنا من قولهم: من عزيز الباقون بالتشديد يعني قوينا الاثنين بثالث معيناً، لما قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله إن هؤلاء الكفار لا يؤمنون أبداً واخبره بأنه سواء عليهم الانذار وترك الانذار بين ههنا حال من ينتفع بالانذار فقال { إنما تنذر من اتبع الذكر } ومعناه إنما ينتفع بانذارك وتخويفك من اتبع الذكر، لان نفس الانذار قد حصل للجميع وأضافه - ها هنا - إلى من اتبع الذكر لما كانوا المنتفعين به، كما قال { هدى للمتقين }. والذكر المذكور - ها هنا - القرآن - في قول قتادة - { وخشي الرحمن بالغيب } قيل في معناه قولان:
احدهما - وخشى الرحمن وخاف ارتكاب معاصيه في غيبه عن الناس.
والثاني - وخشي الرحمن في ما غاب عنه من الآخرة وأمرها.
ثم قال لنبيه من هذه صفته { فبشره بمغفرة } من الله لذنوبه { واجر } أي ثواب { كريم } وهو ما يفعله الله على وجه الاجلال والاكرام. وقيل: الاجر الكريم الجنة.
ثم اخبر تعالى عن نفسه فقال { إنا نحن نحي الموتي } بعد أن افنيناهم { ونكتب ما قدموا } من طاعاتهم ومعاصيهم في دار الدنيا، وهو قول مجاهد وقتادة { وآثارهم } قال مجاهد: يعني خطاهم إلى المساجد، لان بني سلمة من الانصار شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله بعد منازلهم من المسجد والصلاة مع رسول الله، فنزلت فيهم الآية. وقيل: معناه وآثارهم التي تبقى بعدهم ويقتدى بهم فيها.
ثم قال { وكل شيء أحصيناه في إمام مبين } ومعناه أحصيناه في كتاب ظاهر، وهو اللوح المحفوظ. والوجه في احصاء ذلك في إمام مبين اعتبار الملائكة به إذا قابلوا به ما يحدث من الامور، وكان فيه دليل على معلومات الله على التفصيل.
ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله { واضرب لهم مثلا } معناه اذكر لهم مثلا. وقيل: معناه مثل لهم مثلا، من قولهم: هؤلاء اضراب أي امثال. وقوله { أصحاب القرية } قال عكرمة والفراء: هي انطاكية { إذ جاءها المرسلون } اي حيث بعث الله اليهم بالرسل { إذ أرسلنا إليهم اثنين } يعني رسولين. وقال قوم: كانا رسولي عيسى من حواريه. وقال آخرون: كانا رسولين من رسل الله وهو الظاهر { فكذبوهما } أي جحدوا نبوتهما { فعززنا بثالث } أي فعززهما الله بثالث فيمن قرأ بالتشديد وشد ظهرهما به - في قول مجاهد وابن زيد - ومن خفف أراد فغلب الله بثالث أرسله اليهم { فقالوا } لهم يا اهل القرية { إنا إليكم مرسلون } ارسلنا الله اليكم { قالوا } لهم { ما أنتم إلا بشر مثلنا } أي ليس أنتم إلا بشر أمثالنا، فدخلت عليهم الشبهة فاعتقدوا أنه من حيث انهم امثالهم في البشرية لا يصلح ان يكونوا رسلا كما لا يصلحون هم لذلك { وما أنزل الرحمن من شيء } مما تذكرونه وتدعونا اليه { إن أنتم إلا تكذبون } أي ليس انتم إلا كاذبون على الله ومتخرصون عليه في ادعائكم الرسالة، وذهب عنهم معنى
{ { اخترناهم على علم على العالمين } وأنه تعالى علم من حال هؤلاء صلاحهم للرسالة وتحملهم لاعبائها ولم يعلم ذلك من حالهم بل على خلاف ذلك.