خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ
١٦١
مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ
١٦٢
إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ ٱلْجَحِيمِ
١٦٣
وَمَا مِنَّآ إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ
١٦٤
وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلصَّآفُّونَ
١٦٥
وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلْمُسَبِّحُونَ
١٦٦
وَإِن كَانُواْ لَيَقُولُونَ
١٦٧
لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ
١٦٨
لَكُنَّا عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ
١٦٩
فَكَفَرُواْ بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ
١٧٠
-الصافات

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ الحسن { صائل الجحيم } بالرفع وهي تحتمل شيئين: احدهما. الجمع. والثاني - القلب، كقولهم: شاك، وشائك في السلاح، وهار وهائر. الباقون { صال } بكسر اللام على وزن (فاعل).
هذا خطاب من الله تعالى للكفار الذين كانوا يعبدون الاصنام بأن قال لهم { فإنكم وما تعبدون } فموضع (ما) نصب عطفاً على الكاف والميم، وهو في موضع نصب بـ (أن) والتقدير إنكم يا معشر الكفار والذين تعبدونه { ما أنتم عليه بفاتنين } وقال الفراء: تقديره، وإنكم وآلهتكم ما أنتم عليه بفاتنين أي بمفتنين { وما أنتم عليه } أي وما أنتم على ذلك الدين بمصلين عليه وبه وله سواء في المعنى. وأهل نجد يقولون: أفتنت، وأهل الحجاز فتنت أي لستم عليه بفاتنين، والفاتن الداعي إلى الضلالة بتزيينه له، فكل من دعا إلى عبادة غير الله بالاغواء والتزيين فاتن، لانه يخرجه إلى الهلاك، وأصل الفتنة من قولهم: فتنت الذهب بالنار إذا أخرجته إلى حال الخلاص
{ وفتناك فتوناً } أي أخرجناك بالأمر الحق إلى حال الخلاص.
وقوله { إلا من هو صال الجحيم } أي لستم تفتنون إلا من يصلى الجحيم، ومعناه إلا من يلزم النار ويحترق بها، ومنه المصطلي، وهو المستدفئ بالنار، ومنه الصلاة للزوم الدعاء فيها، والمصلي الذي يجيء بعد السابق للزومه أثره. والمعنى ان من يقبل من هذا الفاتن وينقاد له، فهو يصلى الجحيم.
وقوله { وما منا إلا له مقام معلوم } معناه ما منا ملك إلا له مقام، فحذف ومعناه لا يتجاوز ما أمر به ورتب له، كما لا يتجاوز صاحب المقام مقامه الذي حدّ له، فكيف يجوز ان يعبد من هو بهذه الصفة، وهو عبد مربوب ووصف المقام بأنه معلوم، لأنه معلوم لله على ما تقتضيه الحكمة، وهو محدود لا يتجاوز ما علم منه ولا يخرج منه.
وقوله { وإنا لنحن الصافون } قيل: صافون حول العرش ينتظرون الأمر والنهي من الله تعالى، وقيل: الصافون في الصلاة: وقوله { وإنا لنحن المسبحون } معناه المصلون من قولهم: فرغت من سبحتي أي من صلاتي، وسميت الصلاة تسبيحاً لما فيها من تسبيح الله وتعظيم عبادته. و { المسبحون } القائلون سبحان الله على وجه التعظيم له تعظيم العبادة، وقوله { وإن كانوا ليقولون } فـ (إن) هذه المخففة من الثقيلة بدلالة دخول اللام في خبرها، كما قال
{ { وإن ربك ليحكم بينهم } ويلزمها هذه اللام ليفرق بين (إن) الثقيلة والخفيفة التي للجحد في مثل قوله { { إن الكافرون إلا في غرور } والمعنى إن هؤلاء الكفار كانوا يقولون { لو أن عندنا ذكراً } أي كتاباً فيه ذكر من كتب الأولين الذي أنزله على انبيائه. وقيل: يعني علماً يسمى العلم ذكراً، لان الذكر من اسبابه، فسمى بأسمه { من الأولين } الذين تقدمونا وما فعل الله بهم { لكنا } نحن ايضاً من { عباد الله المخلصين } الذين أخلصوا العبادة له، فجعلوا العذر في امتناعهم من الايمان أنهم لا يعرفون اخبار من تقدمهم، وهل حصلوا في جنة او نار، فقال الله تعالى { فكفروا به } يعني بالذكر، لأنهم طلبوا كتاباً كما للاولين التوراة دالا على توحيد الله، فلما جاءهم القرآن كفروا به، وبمن جاء بالقرآن - في قول ابن عباس والسدي - فهددهم الله على هذا، الكفر فقال { فسوف يعلمون } في ما بعد إذا عاقبناهم بعقاب النيران.