خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي ٱلنِّسَآءِ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَٰبِ فِي يَتَٰمَى ٱلنِّسَآءِ ٱلَّٰتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَٱلْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ ٱلْوِلْدَٰنِ وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَٰمَىٰ بِٱلْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً
١٢٧
-النساء

التبيان الجامع لعلوم القرآن

[المعنى]:
يسألك يا محمد، اصحابك ان تفتيهم في أمر النساء، والواجب لهن وعليهن. واكتفى بذكر النساء من ذكر شأنهن لدلالة الكلام على المراد { قل الله يفتيكم فيهن } يعني قل يا محمد، انه يفتيكم فيهن يعني في النساء وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن.
[الاعراب]:
واختلفوا في اعراب { ما يتلى }. قال الزجاج والفراء معاً: يحتمل ان يكون موضع (ما) رفعاً والتقدير في قول الزجاج، والذي يتلى عليكم في الكتاب أيضاً يفتيكم فيه. وقال الفراء تقديره الله يوصيكم فيهن وما يتلى عليكم. وقالا جميعاً يجوز ان يكون موضع (ما) خفضاً بالعطف على فيهن إلا ان الزجاج ضعف هذا وقال: هذا بعيد لان عطف المظهر على المضمر لا يجوز. وقال الفراء: يجوز على تقدير فيهن وما يتلى عليكم.
واختلفوا في تأويل { وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن } فقال قوم: الذي يتلى عليكم هو آيات الفرائض التي في أول السورة. روى ذلك سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كان اهل الجاهلية لا يورثون المولود حتى يكبر، ولا يورثون المرأة، فانزل الله آية الميراث أول السورة، وهو معنى { اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن }. وبه قال مجاهد: وروي ذلك عن ابي جعفر (ع). وقال قوم: كان الرجل تكون في حجره اليتيمة بها ذمامة، ولها مال، فكان يرغب عنها ان يتزوجها ويحبسها لما لها طمعاً أن تموت فيرثها، فنزلت الآية. ذهب اليه عائشة، وقتادة والسدي وابو مالك وابراهيم قال السدي: كان جابر بن عبد الله الانصاري ثم السلمي له بنت عم عمياء ذميمة قد ورثت عن أبيها مالا، فكان جابر يرغب عن نكاحها، ولا ينكحها مخافة أن يذهب الروج بما لها فسأل النبي (صلى الله عليه وسلم) عن ذلك وقال: اترث إذا كانت عمياء؟ فقال (صلى الله عليه وسلم): نعم فانزل الله فيه هذه الآية. وقال قوم: معناه يفتيكم فيهن وفيما يتلى عليكم في آخر السورة من قوله: { يستفتونك قل الله يفتيكم } في الكلالة ذهب اليه ابن جبير وقالت عائشة: كان الرجل تكون في حجره اليتيمة تشاركه في ماله فيعجبه مالها وجمالها، فيريد وليها أن يتزوجها من غير أن يقسط في صداقها، فنهى الله عن ذلك في قوله: { وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا } من غيرهن { ما طاب لكم } قالت: وقوله: { وما يتلى عليكم } هو ما ذكره في أول السورة من قوله: { وإن خفتم ألا تقسطوا }. فعلى هذه الاقوال (ما) في موضع خفض بالعطف على الهاء والنون في قوله: { فيهن } والتقدير قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم، وعلى ما قال الفراء: قل الله يفتيكم فيهن ما يتلى عليكم في الكتاب وقال آخرون: نزلت الآية في قوم من اصحابه (صلى الله عليه وسلم) سألوه عن أشياء من أمر النساء، وتركوا المسألة عن أشياء أخر كانوا يفعلونها، فافتاهم الله فيما سألوه عنه، وفيما تركوا المسألة عنه ذهب اليه محمد بن أبي موسى. ويكون معنى قوله: وما يتلي عليكم في الآية التي بعدها وقيل: هم اليتامى الصغار من الذكور والاناث. وما بعدها قوله: { وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً } والذي سألوا عنه، فاجيبوا ما كتب الله لهن من الميراث في آية الميراث. واختار الطبري أن يكون المراد به آيات الفرائض قال: لأن الصداق ليس مما كتب الله للنساء الا بالنكاح، فما لم تنكح فلا صداق لها عند احد.
وقوله: { والمستضعفين من الولدان } في موضع جر وتقديره وفي المستضعفين من الولدان. وقيل هم اليتامى الصغار من من الذكور والاناث، لانهم كانوا لا يورثون الصغار من الذكور حتى يبلغ.
{ وأن تقوموا لليتامى } والمعنى وفي ان تقوموا لليتامى بالقسط على ما قاله في قوله: { وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى }: فأمرهم أن يؤتوا المستضعفين من الولدان حقوقهم من الميراث، ويعدلوا فيهم، ويعطونهم ما فرضه الله لهم في كتابه. وبه قال السدي، وابن زيد، ومجاهد، وابن عباس.
وقوله: { وترغبون أن تنكحوهن } معناه ترغبون عن أن تنكحوهن. وقال الحسن في قوله: { والمستضعفين من الولدان } قال: يعني في يتامى النساء اللاتى لا تؤتونهن أي الا يأكلوا اموالهم إلا بالقسط، يعني بالعدل. وقال عبيدة السليمانى فيما رواه ابن سيرين عنه ان معنى { وترغبون أن تنكحوهن } ترغبون فيهن. وفي رواية ابن عون عن ابن شيرين يرغبون عنهن. وقال الحسن: يرغبون عنهن وكان عيينة بن حضن يقول: يا محمد أتعطي الوالدان المال؟ وانما يأخذ المال من يقاتل ويجوز الغنيمة، فنزل قوله: { والمستضعفين من الولدان }.
وقوله: { وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليماً } المعنى مهما فعلتم، أيها المؤمنون من عدل في أمر اليتامى التي أمركم الله أن تقوموا، فيهن بالقسط، وأنتهيتم فيه إلى أمره وإلى طاعته، فان الله كان به عالماً لم يزل وقيل معنا إن الله سيجازيكم عليه كما يقول القائل أنا أعرف لك ما تفعله بمعنى اجازيك عليه.