خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ ٱللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ
٦
وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّتُنذِرَ أُمَّ ٱلْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ ٱلْجَمْعِ لاَ رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي ٱلْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي ٱلسَّعِيرِ
٧
وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـٰكِن يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحْمَتِهِ وَٱلظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِّن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ
٨
أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ فَٱللَّهُ هُوَ ٱلْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
٩
وَمَا ٱخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى ٱللَّهِ ذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ
١٠
-الشورى

التبيان الجامع لعلوم القرآن

هذا اخبار من الله تعالى { والذين اتخذوا من دونه أولياء } يعني الكفار الذين اتخذوا الأصنام آلهة ووجهوا عبادتهم اليها. وجعلوهم أولياء لهم وانصاراً من دونه. وإنما قال { من دونه } لان من اتخذ ولياً بأمر الله لم يتخذه من دون الله.
وقوله { الله حفيظ عليهم } أي حافظ عليهم أعمالهم وحفيظ عليها بأنه لا يعزب عنه شيء منها، وانه قد كتبها فى اللوح المحفوظ مظاهرة فى الحجة عليهم وما هو اقرب إلى افهامهم إذا تصوروها مكتوبة لهم وعليهم.
وقوله { وما أنت عليهم بوكيل } معناه إنك لم توكل بحفظ اعمالهم، فلا يظن ظان هذا، فانه ظن فاسد وإنما بعثك الله نذيراً لهم وداعياً إلى الحق ومبيناً لهم سبيل الرشاد، وقيل: معناه إنك لم توكل عليهم أي تمنعهم من الكفر بالله، لانه قد يكفر من لا يتهيأ له منعه من كفره بقتله.
وقوله { وكذلك أوحينا إليك قرآناً عربياً } معناه مثل ما اوحينا إلى من تقدمك من الانبياء بالكتب التي أنزلناها عليهم أوحينا اليك ايضاً قرآناً عربياً لتنذر أم القرى أي لتخوفهم بما فيه من الوعيد وتبشرهم بما فيه من الوعد. قال السدي: أم القرى مكة والتقدير لتنذر اهل أم القرى { ومن حولها } من سائر الناس. وسميت أم القرى، لأنه روي أن الله تعالى دحا الأرض من تحت الكعبة قال المبرد: كانت العرب تسمي مكة أم القرى { ومن حولها } ومن يطيف بها { وتنذر يوم الجمع } معناه وتخوفهم يوم الجمع أيضاً، ونصب (يوم) لانه مفعول ثان وليس بظرف، لانه ليس ينذر في يوم الجمع، وإنما يخوفهم عذاب الله يوم الجمع. وقيل هو يوم القيامة { لا ريب فيه } أي لا شك فيه وفى كونه.
ثم قسم اهل يوم القيامة فقال { فريق } منهم { في الجنة } بطاعتهم { وفريق } منهم { في السعير } جزاء على معاصيهم. ثم قال { ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة } معناه الاخبار عن قدرته بأنه لو شاء ان يلجئهم إلى الايمان ودين الاسلام، لكان قادراً على ذلك وفعله، لكن ذلك يبطل الغرض بالتكليف وهو ان يفعلوا العبادة على وجه يستحقون بها الثواب، ومع الالجاء لا يمكن ذلك، فلذلك لم يشأ ذلك. فالآية تفيد قدرته على الالجاء وتأتيّ ذلك. ثم قال { ولكن يدخل من يشاء في رحمته } أي يدخلهم في الجنة وثوابها من يشاء منهم إذا اطاعوا واجتنبوا معاصيه وبين أن { الظالمين } نفوسهم بارتكاب معصية الله { ما لهم من ولي } يواليهم { ولا نصير } يمنعهم من عذاب الله إذا اراد فعله بهم جزاء على معاصيهم، ثم قال { أم اتخذوا من دونه أولياء } معناه بل هؤلاء الكفار اتخذوا من دون الله أولياء من الاصنام والاوثان يوالونهم وينصرونهم. ثم قال { فالله هو الولي } معناه المستحق فى الحقيقة للولاية والتقرب اليه هو الله تعالى دون غيره { وهو يحيي الموتى وهو على كل شيء قدير } يصح ان يكون مقدوراً له قادر. ومن كان بهذه الصفة فهو الذي يجب ان يتخذ ولياً.
وقوله { وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله } معناه ان الذي تختلفون فيه من أمر دينكم ودنياكم وتتنازعون فيه { فحكمه إلى الله } يعني أنه الذي يفصل بين المحق فيه وبين المبطل، لانه العالم بحقيقة ذلك، فيحكم على المحق باستحقاق الثواب وعلى المبطل باستحقاق العقاب.
وقيل: معناه فحكمه إلى الله، لانه يجب ان يرجع إلى أمره فى الدنيا وفصل القضاء فى الآخرة. ثم قال لنبيه قل لهم { ذلك } الذي وصفته من أنه يحيي الموتى وهو على كل شيء قدير { هو الله ربي } ومدبري { عليه توكلت } بمعنى فوضت أمري اليه واسندت ظهري اليه { وإليه أنيب } أي ارجع اليه في جميع أموري واحوالي.