خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً مِّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ
٢١
بَلْ قَالُوۤاْ إِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ ءَاثَارِهِم مُّهْتَدُونَ
٢٢
وَكَذَلِكَ مَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَآ إِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ ءَاثَارِهِم مُّقْتَدُونَ
٢٣
قَٰلَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَىٰ مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَآءَكُمْ قَالُوۤاْ إِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ
٢٤
فَٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُكَذِّبِينَ
٢٥
-الزخرف

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ ابن عامر وحفص عن عاصم { قال أولو جئتكم } على انه فعل ماض، وتقديره قال النذير. الباقون { قل } على الأمر على وجه الحكاية لما اوحى الله إلى النذير. قال كأنه قال اوحينا اليه أي فقلنا له { قل أولو جئتكم } وقرأ ابو جعفر { جئناكم } بالنون على وجه الجمع.
لما حكى الله تعالى تخرص من يضيف عبادة الاصنام والملائكة إلى مشيئة الله، وبين انه لا يشاء ذلك قال { أم آتيناهم كتاباً } والمعنى التقريع لهم على خطئهم بلفظ الاستفهام، والتقدير أهذا الذي ذكروه شئ تخرصوه وافتروه { أم آتيناهم كتاباً من قبله فهم به مستمسكون }؟! فاذا لم يمكنهم ادعاء ان الله أنزل بذلك كتاباً علم انه من تخرصهم ودل على حذف حرف الاستفهام (أم) لأنها المعادلة.
ثم قال ليس الامر على ما قالوه { بل قالوا } يعني الكفار { إنا وجدنا آباءنا على أمة } قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي: يعني على ملة وسميت الديانة أمة لاجتماع الجماعة على صفة واحدة فيها. وقرىء "على إمة" - بكسر الهمزة - والمراد به الطريقة { وإنا على آثارهم } أي على آثار آبائنا { مهتدون } نهتدي بهداهم. ثم قال مثل ما قال هؤلاء فى الحوالة على تقليد آبائهم فى الكفر كذلك لم نرسل من قبلك في قرية ومجمع من الناس نذيراً - لان (من) زيادة - { إلا قال مترفوها } وهم الذين آثروا الترفة على طلب الحجة، وهم المتنعمون الروساء { إنا وجدنا آباءنا على أمة } يعني على ملة { وإنا على آثارهم مقتدون } نقتدي بهم فأحال الجميع على التقليد للاباء فحسب، دون الحجة، والتقليد قبيح بموجب العقل لأنه لو كان جائزاً للزم فيه أن يكون الحق في الشيء ونقيضه، فيكون عابد الوثن يقلد أسلافه، وكذلك يقلد اسلافه اليهودي والنصراني والمجوسي، وكل فريق يعتقد أن الآخر على خطأ وضلال. وهذا باطل بلا خلاف، فاذاً لا بد من الرجوع إلى حجة عقل او كتاب منزل من قبل الله، فقال الله تعالى للنذير { قل } لهم { أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم } فهل تقبلونه؟ وفي ذلك حسن التلطف في الاستدعاء إلى الحق، وهو انه لو كان ما تدعونه حقاً وهدى على ما تدعونه، لكان ما جئتكم به من الحق اهدى من ذلك واوجب ان يتبع ويرجع اليه، لأن ذلك، إذا سلموا أنه اهدى مما هم عليه بطل الرد والتكذيب، وإذا بطل ذلك لزم اتباعه في ترك ما هم عليه.
ثم حكى ما قالوا في الجواب عن ذلك فانهم قالوا { إنا بما أرسلتم به } معاشر الانبياء { كافرون } ثم اخبر تعالى فقال { فانتقمنا منهم } بأن اهلكناهم وعجلنا عقوبتهم { فانظر } يا محمد { كيف كان عاقبة المكذبين } لانبياء الله والجاحدين لرسله.