خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

حـمۤ
١
تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ
٢
مَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَمَّآ أُنذِرُواْ مُعْرِضُونَ
٣
قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ ٱئْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَـٰذَآ أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
٤
وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَآئِهِمْ غَافِلُونَ
٥
-الأحقاف

التبيان الجامع لعلوم القرآن

خمس آيات فى الكوفي واربع في ما عداه عد الكوفي { حم } ولم يعده الباقون.
وقد بينا معنى قوله { حم } وإختلاف العلماء فى ذلك، وبينا ايضاً تأويل قوله { تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم } فلا وجه لاعادته. وقيل: الوجه في تكرير ذلك الابانة عن أن هذه السورة حالها حال السورة التي قبلها فى أنه تعالى نزلها وشرفها وكرّمها فى الاضافة إلى العزيز الحكيم. والعزيز القادر الذي لا يغالب ولا يقهر. وقيل هو العزيز فى انتقامه من أعدائه الحكيم فى افعاله. وقد يكون الحكيم بمعنى العالم بتصريف الأمور الذي لا يوقعها الا على مقتضى العلم فى التدبير وهو صفة مدح، وضده السفيه، وضد العزيز الذليل.
ثم قال تعالى مخبراً إنا { ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق } ومعناه إنا لم نخلق السموات والارض وما بينهما إلا بالحق ومعناه إنه لم توجد السموات والأرض وما بينهما من الاجناس إلا للحق وتعريض الخلق لضروب النعم وتعريض المكلفين للثواب الجزيل ولم نخلقها عبثاً ولا سدى بل عرّضناهم للثواب بفعل الطاعات وزجرناهم بالعقاب عن فعل المعاصي، وقدرنا لهم اوقات نبعثهم اليها وأوقات نجازيهم فيها { وأجل مسمى } أى مذكور للملائكة فى اللوح المحفوظ.
ثم قال { والذين كفروا } بوحدانية الله تعالى وجحدوا ربوبيته { عما أنذروا } به معرضون وعما خوّفوا العمل من خلافه بالعقاب { معرضون } أى عادلون عن الفكر فيه والاعتبار به.
ثم قال { قل } يا محمد صلى الله عليه وآله لهؤلاء الكفار الذين يعبدون الاصنام ويدعون مع الله إلهاً آخر { أرأيتم ما تدعون من دون الله } آلهة وتوجهون عبادتكم اليها بأي شيء استحقوا ذلك { أروني ماذا خلقوا من الأرض } فاستحقوا بخلق ذلك العبادة والشكر { أم لهم شرك في السماوات } أى في خلقها، فانهم لا يقدرون على ادعاء ذلك.
ثم قال لهم { ائتوني بكتاب من قبل هذا } يعني هاتوا بكتاب انزله الله يدل على صحة قولكم قبل هذا القرآن { أو أثارة من علم } يعني شيء يستخرج منه فيثار فيعلم به ما هو منفعة لكم - وهو قول الحسن - وقال مجاهد: معناه او علماً تأثرونه عن غيركم - ويؤدى أثره، وهما لغتان: اثره واثاره، ومنه الحديث المأثور أى المرفوع - يدل على صحة ما تذهبون اليه. وقال ابو بكر وابن عباس: معناه او بقية من علم يشهد بصحة قولكم وصدق دعواكم { إن كنتم صادقين } في ما تذكرونه وتذهبون اليه. ويقال: اثر الشيء اثارة مثل قبح قباحة وسمح سماحة، قال الراعي:

وذات أثارة اكلت عليه

يعني ذات بقية من شحم. ثم قال تعالى { ومن أضل } أى من اضل عن طريق الصواب { ممن يدعوا من دون الله } أي يضرع اليه ويوجه عبادته إلى { من لا يستجيب له إلى يوم القيامة } مع ظهور الدلالة على توحيد الله ووضوح آثار نعمه على خلقه { وهم } مع ذلك { عن دعائهم } إياهم { غافلون } أى ذاهبون عن الفكر فيه، لانهم لا يعقلون ولا يفقهون. والغفلة ذهاب المعنى عن نفس العاقل بمعنى يمتنع به إدراكه. وضده اليقظة، وهو حضور المعنى لنفس العاقل بما يجد إدراكه، وانما كنى عن الاصنام بالواو والنون مع أنها لا تعقل لما أضاف اليها ما يكون من العقلاء، كنى عنها بكناياتهم، كما قال { والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين } وقوله { { كل في فلك يسبحون } }.