خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَالَ ٱللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّيۤ أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِّنَ ٱلْعَالَمِينَ
١١٥
-المائدة

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ { منزلها } بالتشديد أهل المدينة وابن عامر، وعاصم. الباقون بالتخفيف.
من خفف طابق بينه وبين قوله { أنزل علينا } ومن ثقل، فلأن نزل وأنزل بمعنى قال تعالى
{ تبارك الذي نزل الفرقان } }. وقال { { الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب } لما سئل الله عيسى (ع) أن ينزل عليه المائدة تكون عيداً لأولهم وآخرهم، قال تعالى مجيبا له إلى ما التمسه { إني منزلها عليكم } يعني المائدة { فمن يكفر بعد منكم } يعني بعد إِنزالها عليكم { فإني أعذبه عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين } وقيل في معناه ثلاثة أقوال:
أحدها - قال قتادة: مسخوا قردة وخنازير، وهو المروي عن أبي عبد الله عليه السلام ولم يمسخ أحد خنازير سواهم.
الثاني - أنه أراد به من عالمي زمانهم.
الثالث - أنه أراد به جنسا من العذاب لا يعذب به أحداً غيرهم. وانما استحقوا هذا النوع من العذاب بعد نزول المائدة لانهم كفروا بعدما رؤا الآية التي هي من أزجر الآيات عن الكفر لم يرها غيرهم بعد سؤالهم لها وتعلق سببهم بها فاقتضت الحكمة اختصاصهم بضرب من العذاب عظيم الموقع. كما اختصت آيتهم بضرب من الزجر في عظيم الموقع. وقال الحسن ومجاهد: ان المائدة لم تنزل عليهم، لانهم استعفوا من نزولها لما سمعوا الوعيد المقرون بها. وقال قوم: هذا غلط من قائله، لانه تعالى وعد بانزالها ولا خلاف لقوله وأكثر أهل العلم على أنها أنزلت: منهم ابن عمر، وعمار بن ياسر وأبو عبد الرحمن السلمي، وقتادة والسدي، وهو ظاهر القرآن. وأيضا فلا يجوز أن يسأل نبي على رؤوس الملا آية لايجاب اليها، لان ذلك ينفر عنه. وقال الحسن: انما كان الوعد من الله بانزال المائدة بشرط أن يكون بتقدير اني منزلها عليكم ان تقبلتم الوعيد فيها { فمن يكفر بعد منكم.. } الآية، وهذا الشرط الذي ذكره لا دليل عليه. والمطلق لا يحمل على المقيد الا بقرينة وقال قوم: انها لو نزلت فكفروا لعذبوا وأنزل ذلك في القرآن ولو لم يكفروا لكانت المائدة قائمة للمسلمين الى يوم القيامة. وهذا ليس بصحيح لانه يجوز أن يكون عنى بالعذاب ما يفعله بالآخرة. ويجوز أن يكون عنى عذاب الدنيا ولم يذكره، لانه ليس بواجب أن يكون كل من اختصه بضرب من العذاب لا بد أن يخبرنا عنه في القرآن، لانه يكون تجويز ذلك على منازل عظيمة في الجملة أهول وأملأ للصدر من ذكره بالتصريح على تفصيل أمره. وأما بقاؤها الى يوم القيامة فلا يلزم لأن وجه السؤال أن يكون يوم نزولها عيداً لهم ولمن بعدهم ممن كان على شريعتهم.