خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
٤٠
-المائدة

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قيل فيمن يتوجه هذا الخطاب اليه قولان:
أحدهما - انه متوجه الى النبي (صلى الله عليه وسلم) والمراد به اُمته كما قال { يا أيها النبي إذا طلقتم النساء }.
والثاني - أنه متوجه الى كل مكلف من الناس وتقديره: ألم تعلم يا انسان. واتصال هذا الخطاب بما قبله اتصال الحجاج والبيان عن صحة ما تقدم من الوعد والوعيد. وما ذكره من الأحكام.
والمعنى ألم تعلم يا انسان { أن الله له ملك السماوات والأرض } يعني له التصرف فيهما من غير دافع ولا منازع { يعذب من يشاء } إذا كان مستحقاً العقاب { ويغفر لمن يشاء } إِذا عصاه ولم يتب، لانه إِذا تاب، فقد وعد بأنه لا يؤاخذ به بعد التوبة. وعند المخالفة يقبح مؤاخذته بعدها. فعلى الوجهين معاً لا يعلق ذلك بالمشيئة. وفي ذلك دلالة على أنه قادر على أن يعاقب على وجه الجزاء، لأنه لو لم يكن قادراً عليه لما كان فيه وجه مدْح { والله على كل شيء قدير } معناه ها هنا أن من ملك السموات والأرض وقدر على هذه الاجسام والاعراض التي يتصرف فيها ويديرها، فهو لا يعجزه شئ لقدرته على كل جنس من أجناس المعاني. وقوله { على كل شيء قدير } عام في كل ما يصح أن يكون مقدراً له تعالى. ولا يحتاج الى أن يقيد بذكر ما تصح القدرة عليه لأمرين:
أحدهما - ظهور الدلالة عليه، فجاز ألا يذكر في اللفظ.
والآخر - أن ذلك خارج فخرج المبالغة كما يقول القائل أتاني أهل الدنيا. ولعله لم يجئه الا خمسة فاستكثرهم.