خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ
١١٥
-الأنعام

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ أهل الكوفة ويعقوب { كلمة } على التوحيد. الباقون "كلمات" جمع كلمة، والكلمة والكلمات ما ذكره الله من وعده ووعيده وثوابه وعقابه، فلا تبديل فيه، ولا تغيير له كما قال { ما يبدل القول لدي } وقال { لا تبديل لكلمات الله } وكان التقدير، وتمت ذوات الكلمات، ولا يجوز أن يعني بالكلمات الشرائع ها هنا كما عنى بقوله { وإذ ابتلى إبراهيم ربُّه بكلمات فأتمهن } وقوله { وصدقت بكلمات ربها } لانه قال لا مبدل لكلماته. والشرائع يدخلها النسخ. وقوله { صدقا وعدلا } مصدران ينتصبان في موضع الحال من الكلمة وتقديره صادقة عادلة، وقال قوم: هما نصبا على التمييز. فمن قرأ (كلمات) فلانه لما كان جمعا في المعنى جمعه. ومن أفرد فلأن الكلمة قد يعنى بها الكثرة، كما قالوا: قال زهير في كلمته، يعني في قصيدته وقال قس في كلمته، يعني خطبته، فالمفرد يقع على الكثرة فاغنى عن الجمع ومثله { وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل } }. وقيل انه أراد به بقوله { ونريد أن نمن على الذين استضعفوا } الى آخر الآية فسمى هذا القصص كلمة.
وقال مجاهد في قوله
{ كلمة التقوى } قول لا إِله الا الله. ومعنى { وتمت كلمات ربك } انها بتمامها موافقة لما توجبه المصلحة من غير زيادة ولا نقصان. والتمام والكمال والاستيفاء نظائر. وان جميعه صدق ولا كذب فيه كما يقال: كمل فلان اذا تمت محاسنه.
وفي الآية دلالة على ان كلام الله محدث، لانه وصفه بالتمام والعدل وذلك لا يكون الا حادثا. والتبديل وضع شيء مكان شيء، فلا أحد يقدر ان يضع مكان كلمة الله يناقضها به. وقال قتادة: لا مبدل لها فيما حكم به لانه وان أمكن التغيير والتبديل في اللفظ كما بدل أهل الكتاب التوراة والانجيل، فانه لا يعتد بذلك، لانه لا يقلبه بحق ينقضه. ويجوز أن يكون المراد بقوله { وتمت كلمات ربك } أنها أتتك شيئا بعد شيء حتى كملت.
وقوله { وهو السميع العليم } معناه أنه على صفة يجب ان يسمع المسموعات اذا وجدت عالم بما يكون ظاهرا وباطنا، فلا يظن ظان أن شيئا من ذلك يخفي عليه تعالى.