خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي ٱلأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ
١١٦
-الأنعام

التبيان الجامع لعلوم القرآن

هذا خطاب من الله لنبيه ولجميع المؤمنين انه من يطع أكثر من في الارض من الكفار ويتبع ما يريدونه يضلوه عن سبيل الله، لانه كان في ذلك الوقت أكثر أهل الارض كفارا. والطاعة هي امتثال الامر واجابة ما أريد منه اذا كان المريد فوقه، والفرق بينه وبين الاجابة أن الاجابة عامة في موافقة الارادة الواقعة موقع المسألة، ولا تكون اجابة الا بأن يفعل لموافقة الدعاء بالامر، ومن أجله لا يراعي فيها الرتبة.
والفرق بين الاكثر والاعظم أن الاعظم قد يوصف به واحد، ولا يوصف بالاكثر واحد بحال، ولهذا يقال في الله تعالى انه عظيم وأعظم من كل شيء، ولا يقال أكثر وانما يقال أكبر بمعنى أعظم.
وانما قال: ان تطعهم يضلوك، وان كانت البدأة بالاغواء منهم لامرين:
احدهما - ان المطيع يبتدأ باستشعار الطاعة، فاذا كان من الداعي أمر بشيء من الاشياء كان اطاعة وصدق بأنه مطيع.
والثاني - ان دعاءهم لا يوصف بأنه اضلال لمن دعوه الا بعد الاجابة فكأنه قال: ان تجبهم تستحق الصفة بأنهم قد أضلوك، ثم أخبر تعالى عن هؤلاء الكفار انهم لا يتبعون الا الظن الذي يخطيء ويصيب { وإن هم إلا يخرصون } ومعناه وما هم الا كاذبين. والخرص الكذب يقال: خرص يخرص خرصا وخروصا، وتخرص تخرصا واخترص اختراصا وأصله القطع قال الشاعر:

ترى قصد المران تلقى كأنها تذرع خرصان بأيدي الشواطب

يعني جريدا يقطع طويلا ويتخذ منه الحصر، وهو جمع الخرص. ومنه خرص النخل يخرصه خرصا اذا جزره، والخريص الخليج ينقطع اليه الماء، والخريص حبة القرط اذا كانت منفردة، والخرص العود، لانقطاعه عن نظائره بطيب ريحه.
وقيل معنى { وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله } يعني في أكل الميتة، لأنهم قالوا للمسلمين: أتاكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتل ربكم؟! فهذا إِضلالهم. وقال بعضهم قوله { إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون } مثل قوله
{ يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا } } يعني المتعمدين المتردين.
وفى الآية دلالة على بطلان قول أصحاب المعارف، وبطلان قولهم ان الله تعالى لا يتوعد من لا يعلم الحق، لان الله بين في هذه الآية أنهم يتبعون الظن ولا يعرفونه، وتوعدهم على ذلك. وذلك بخلاف مذهبهم.