خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا ٱضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيراً لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُعْتَدِينَ
١١٩
-الأنعام

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ نافع وحفص عن عاصم { وقد فصل لكم ما حرم } بفتح الفاء والصاد والحاء والراء. وقرأ ابن كثير، وابو عمرو، وابن عامر (فصل) و (حرم) بضم الفاء والحاء. وقرأ حمزة والكسائي وابو بكر (فصل) بفتح الفاء و (حرم) بضم الحاء. وقرأ أهل الكوفة { ليضلون } بضم الياء وكسر الضاد. الباقون بفتح الياء.
من ضم الفاء والحاء، فلقوله
{ حرمت عليكم الميتة والدم } } فهنا تفصيل هذا العام بقوله (حرم) وكذلك (فصل) لان هذا المفصل هو ذلك المحرم الذي حل في هذه الآية.
ومن فتحهما فلقوله
{ أتل ما حرم ربكم } وقوله { فصلنا الآيات } } وكذلك قوله { { الذين يشهدون أن الله حرم هذا } ولانه قال { وما لكم أن لا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل } فينبغي أن يكون الفعل مبنيا للفاعل لتقدم ذكر اسم الله.
ومن فتح الفاء وضم الحاء، فلقوله { فصلنا الآيات } وقوله { حرمت عليكم الميتة والدم }
وقوله { وما لكم } خطاب للمؤمنين الذين ذكرهم في الآية الاولى ومعناه لم لا تأكلوا، وقيل بينهما فرق، لان (لم لا تفعل) أعم من حيث انه قد يكون لحال يرجع اليه وقد يكون لحال يرجع الى غيره، فأما (ما لك أن لا تفعل) فلحال يرجع اليه. وقيل في معنى { لا } في قوله { أن لا تأكلوا } قولان:
احدهما - انها للجحد، وتقديره أي شيء لكم في أن لا تأكلوا، اختاره الزجاج وغيره من البصريين.
والثاني - أن يكون صلة، والمعنى ما منعكم ان تأكلوا، لان (ما لك ان لا تفعل) (وما لك لا تفعل) بمعنى واحد. وقال قوم: معناه ليس لكم ان لا تأكلوا مما أمرناكم بأكله على الوصف الذي امرناكم بفعله، ويجوز حذف (في) من { ما لكم إلا تأكلوا } ولا يجوز حذفها من ما لكم في ترك الاكل لان (ان) تلزمها الصلة فهي أحق بالاستحقاق من المصدر، لان المصدر لا تلزمه الصلة، كما حسن حذف الهاء من صلة (الذي) ولم يحسن من الصفة.
وقوله { وقد فصل لكم ما حرم عليكم } يعني ما ذكره في مواضع من قوله
{ حرمت عليكم الميتة } الآية وغيرها.
وقوله { إلا ما اضطررتم إليه } معناه الا اذا خفتم على أنفسكم الهلاك من الجوع وترك التناول، فحينئذ يجوز لكم تناول ما حرمه الله في قوله
{ حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير } وما حرمه في هذه الآية.
واختلفوا في مقدار ما يسوغ له حينئذ تناوله، فعندنا لا يجوز له ان يتناول الا ما يمسك الرمق. وفي الناس من قال: يجوز له أن يشبع منه اذا اضطر اليه وان يحمل منها معه حتى يجد ما يأكله. وقال الجبائي: في الآية دلالة على أن ما يكره عليه من أكل هذه الاجناس أنه يجوز له أكله، لان المكره يخاف على نفسه مثل المضطر.
ومن قرأ { ليضلون } بفتح الياء ذهب الى ان المعنى ليضلون بأهوائهم أي يضلون باتباع أهوائهم، كما قال
{ واتبع هواه } أي يضلون في انفسهم من غير أن يضلوا غيرهم من أتباعهم بامتناعهم من أكل ما ذكر اسم الله عليه وغير ذلك.
ومن قرأ بضم الياء اراد انهم يضلون أشياعهم، فحذف المفعول به، وحذف المفعول كثير، ويقوي ذلك قوله
{ وما أضلنا إلا المجرمون } } وقوله { ربنا هؤلاء أضلونا } }. وقوله { وإن كثيرا } أوقع (ان) على النكرة، لان الكلام اذا طال احتمل ودل بعضه على بعض.