خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَجَعَلُواْ للَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ ٱلْحَرْثِ وَٱلأَنْعَٰمِ نَصِيباً فَقَالُواْ هَـٰذَا للَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَـٰذَا لِشُرَكَآئِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إِلَىٰ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ للَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَىٰ شُرَكَآئِهِمْ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ
١٣٦
-الأنعام

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ الكسائي { بزعمهم } بضم الزاي في الموضعين. الباقون بفتحها. وفي الزعم ثلاث لغات: الفتح والضم، والكسر مثل فتك وفتك وفتك. وقبل وقبل وقبل. وَوِدَّ ووَدَّ وُودَّ. ولم يقرأ بالكسر احد. فالفتح لغة اهل الحجاز، والضم لغة تميم، والكسر لغة بعض بني قيس.
اخبر الله تعالى عن الكفار الذين تقدم وصفهم أنهم يجعلون شيئا من أموالهم لله وشيئا لشركائهم تقربا اليهما، من جملة ما خلقه الله واخترعه، لان الذرأ هو الخلق على وجه الاختراع، واصله الظهور، ومنه ملح ذَرآني وذِرآني، لظهور بياضة. والذرأة ظهور الشيب. قال الراجز:

وقد علتني ذَرأة بادي بدي وَرِيثة تنهض في تشددي

يقال: ذرأ الله الخلق يذرأهم ذرءاً وذروا. ويقال: ذرئت لحيته ذرءاً اذا شابت. ومنه طعنه فأذراه - غير مهموز - اذا ألقاه، وذرت الريح التراب تذروه ذروا اذا أبادته، وذروة كل شيء أعلاه. و { الحرث } الزرع و { الحرث } الارض التي تثار للزرع، ومنه حرثها يحرثها حرثا، ومنه قوله { نساؤكم حرث لكم } لان المرأة للولد كالارض للزرع و { الأنعام } المواشي من الابل والبقر والغنم، مأخوذ من نعمة الوطىء، ولا يقال لذوات الحافر: أنعام.
وانما جعلوا الاوثان شركاءهم، لانهم جعلوا لها نصيبا من أموالهم ينفقونه عليها فشاركوها في نعمهم.
وقوله { فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله، وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم } قيل في معناه ثلاثة اقوال:
احدها - قال ابن عباس وقتادة: انه اذا اختلط شيء مما جعلوه لاوثانهم بشيء مما جعلوه لله ردوه الى ما لاوثانهم، واذا اختلط بشيء مما جعلوه لله لم يردوه الى ما لله.
الثاني - قال الحسن والسدي: كان اذا هلك الذي لاوثانهم أخذوا بدله مما لله، ولا يفعلون مثل ذلك في ما لله (عز وجل).
الثالث - قال ابو علي: انهم كانوا يصرفون بعض ما جعلوه لله في النفقة على اوثانهم، ولا يفعلون مثل ذلك فيما جعلوه للاوثان.
وقوله { ساء ما يحكمون } فيه قولان: احدهما - قال الزجاج: تقديره ساء الحكم حكمهم، فيكون على هذا موضع (ما) رفعا. وقال الرماني: يجوز ان يكون موضع (ما) نصبا وتقديره ساء حكما حكمهم.