خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَالَ رَبِّ ٱغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ
١٥١
-الأعراف

التبيان الجامع لعلوم القرآن

في هذه الآية حكاية عن دعاء موسى (ع) ربه عز وجل - حين تبين له ما نبهه عليه هارون من خوف التهمة، ودخول الشبهة عليهم بجره رأسه اليه - بأن يغفر له ولأخيه، وأن يدخلهما رحمته، والمقتضي لهذا الدعاء بالمغفرة قيل فيه قولان:
أحدهما - ما أظهره من الموجدة على هارون وهو بريء مما يوجب العتب عليه، لأنه لم يكن منه تقصير في الانكار على من عبد العجل، لأنه بلغ معهم من الانكار إلى أن همُّوا بقتله لشدة إِنكاره، ولذلك قال { إِن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني }.
والثاني - قال أبو علي: إِنه بين بذلك لبني اسرائيل أنه لم يأخذ برأسه على جهة الغضب عليه، وإِنما فعل ذلك كما يفعله الانسان بنفسه عند شدة غضبه على غيره، ولم يكن منه في تلك الحال معصية.
وكان هذا الدعاء من موسى انقطاعاً منه الى الله تعالى، وتقرباً اليه لا أنه كان وقع منه أو من أخيه قبيح صغير أو كبير يحتاج أن يستغفر منه، ومن قال: إِنه استغفر من صغيرة كانت منه أو من أخيه، فقد أخطأ. ويقال له: الصغيرة على مذهبكم تقع مكفرة محبطة، فلا معنى لسؤال المغفرة لها. وقد بينا في غير موضع أن الانبياء (ع) لا يجوز عليهم شيء من القبائح لا كبيرها ولا صغيرها لأن ذلك يؤدي الى التنفير عن قبول قولهم، والأنبياء منزهون عما ينفر عنهم على كل حال.
وقوله { وأنت أرحم الراحمين } اعتراف من موسى بأن الله تعالى أرحم الراحمين وإِعترافه بذلك دليل على قوة طمعه في نجاح طلبته، لأن من هو أرحم الراحمين يؤمل الرحمة من جهته ومن هو أجود الاجودين يؤمل الجود من قبله.