خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِيَّ ٱلأُمِّيَّ ٱلَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ ٱلْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَٱلأَغْلاَلَ ٱلَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَٱتَّبَعُواْ ٱلنُّورَ ٱلَّذِيۤ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ
١٥٧
-الأعراف

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ { إِصارهم } ابن عامر وحده على الجميع. الباقون { إِصرهم } على التوحيد. ومن وحد فلأن (الاصر) مصدر يقع على الكثير والقليل بدلالة قوله تعالى { إصرهم } فأضافه الى الكثرة. وقال { ولا تحمل علينا إصراً } ومن جمع أراد ضروبا من الماصر مختلفة، فلذلك جمع.
قوله { الذين } في موضع جر، لأنه صفة لـ (الذين) في الآية الاولى بعد صفة في قوله { فسأكتبها للذين يتقون } فذكر أن من تمام صفاتهم اتباعهم للرسول { النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل } يعني محمداً (صلى الله عليه وسلم).
و (الأمي) الذي لا يكتب. وقيل: إِنه منسوب الى الأمة. والمعنى أنه على جبلة الأمة قبل استفادة الكتابة. وقيل: إِنه منسوب الى الأمِّ، ومعناه أنه على ما ولدته أمه قبل تعلم الكتابة. وعن أبي جعفر الباقر (ع) أنه منسوب الى مكة، وهي أم القرى. وقيل: إِنه نسب الى العرب، لأنها لم تكن تحسن الكتابة.
ومعنى { يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل } أنهم يجدون نعته وصفته، ولأنه مكتوب في التوراة (أتانا الله من سينا وأشرف من ساعير، واستعلن من جبال فاران) وفيها (سأقيم لهم نبياً من إِخوتهم مثلك واجعل كلامي في فمه فيقول لهم كلما أوصيه به) وفيها، (وأما ابن الأمة فقد باركت عليه جداً جداً وسيلد اثني عشر عظيماً وأؤخره لأمَّة عظيمة).
وفي الانجيل بشارة بالفار قليط في مواضع منها (يعطيكم فار قليط آخر يكون معكم آخر الدهر كله) وفيها أنه (اذا جاء فنَّد أهل العلم) وفيها (أنه يدبركم بجميع الخلق، ويخبركم بالأمور المزمعة ويمدحني ويشهد لي).
وقوله تعالى { يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر } صفة للنبي (صلى الله عليه وسلم) الأمي، وهو في موضع الحال، وتقديره آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، وسمي الحق (معروفاً) والباطل (منكراً) لأن الحق يعرف صحته العقل إِذ الاعتماد في المعرفة على الصحة، وينكر الباطل بمعنى ينكر صحته.
وقوله { ويحلُّ لهم الطيبات } معناه يبيح لهم المستلذات الحسنة التي كانت حراماً عليهم، ويحرِّم عليهم الخبائث يعني القبائح، وما يعافي الأنفس.
وقوله { ويضع عنهم أصرهم } يعني الثقل بأمور محرمة وفي تكليفها مشقة، كتحريم العروق والغدد وتحريم السبت، وكانت كالاغلال في أعناقهم، كما يقولون هذا طوق في عنقك. وقيل: ما امتحن به بنو اسرائيل من قبل نفوسهم، وقرض ما يصيبه البول من أجسادهم وإِلتزام للمكاره في كل شىء يخالفون الله فيه.
وقوله { فالذين آمنوا به } يعني صدقوا بهذا النبي { وعزروه } يعني عظموه بمنعهم كل من أراد كيده، وأصله المنع، ومنه تعزير الجاني وهو منعه بتأديبه من العود، وقال قوم: عزرته معناه رددته، وقال آخرون: معناه أعنته. وقال بعضهم معناه نصرته. وقال آخرون: منعته ونصرته.
وقوله { واتبعوا النور الذي أنزل معه } يعني القرآن سماه نوراً لأنه يهتدى به كما يهتدى بالنور. واخبر عنهم بأن من فعل ما قلناه فأولئك هم المفلحون الفائزون بثواب ربهم.