قرأ ابن عامر { وقال الملأ } بزيادة واو، وكذلك في مصاحف أهل الشام الباقون بلا واو.
في هذه الآية حكاية عما قال الملأ من قوم صالح، وهم جماعة من أشراف قومه ورؤساء أمَّته { الذين استكبروا } أي طلبوا الكبر فوق القدر، لان الاستكبار هو طلب الكبر فوق القدر، حتى يؤدي صاحبه الى إِنكار ما دعي اليه من الحق، أنفة من اتباع الداعي الى الحق { للذين استضعفوا } فالاستضعاف طلب الضعف بالأحوال التي تقعد صاحبها عما كان يمكن غيره من القيام بالأمر، والأصل في باب (استفعل) الطلب منه.
وقوله { لمن آمن منهم } موضعه من الاعراب نصب على البدل من اللام الاولى وهو بدل البعض من الكل إِلا أنه أعيد فيه حرف الجر، كقولك مررت بأخوتك بعضهم. وانما فعل ذلك لئلا يظن انهم كانوا مستضعفين غير مؤمنين، لأنه قد يكون المستضعف مستضعفاً في دينه، فلا يكون مؤمناً. فأزال هذه الشبهة.
وقوله { أتعلمون أن صالحاً مرسل من ربه } حقيقة ويقيناً ام لا تعلمون ذلك؟ وغرضهم بذلك الاستبعاد، لأن يكون صالح نبياً مرسلا من قبل الله.
وقوله { إِنا بما أرسل به مؤمنون } جواب من هؤلاء المستضعفين لهم انهم مؤمنون بالذي أرسل به صالح مصدقون. وقد بينا أن حدَّ العلم هو ما اقتضى سكون النفس. وحد الرماني - ها هنا - العلم بأنه اعتقاد للشىء على ما هو به عن ثقة من جهة ضرورة أو حجة، قال: والعالم هو المبين للشىء بعلم أو ذات تنبىء عن العلم.