خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَآءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ ٱلْكَيْلَ وَٱلْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ
٨٥
-الأعراف

التبيان الجامع لعلوم القرآن

هذه الآية عطف على ما تقدم والتقدير فيها فأرسلنا { إلى مدين } وهي قبيلة، قال أبو اسحاق: أصله (مديان) وهو مديان بن ابراهيم وهؤلاء ولده. و { مدين } لا ينصرف، لأنه معرب في حال تعريفه. والعلة المانعة من الصرف هي العجمة والتعريف وقال الزجاج: لأنه اسم قبيلة وهو معرفة وجائز أن يكون أعجمياً.
وقوله { أخاهم شعيباً } نسب اليهم بالاخوة في النسب دون غيره. وقال لهم { قد جاءتكم بينة من ربكم } يعني أتتكم حجة من الله تعالى ومعجزة دالة على صدق قولي، وأخبر انه أمرهم بأن يوفوا الكيل والميزان. والايفاء إِتمام الشيء الى حِّد الحق فيه، ومنه إِيفاء العهد وهو اتمامه بالعمل به. والكيل تقدير الشىء بالمكيال حتى يظهر مقداره منه. والوزن تقدير الشىء بالميزان، والمساحة تقدير الشىء بالذراع أو ما زاد عليه أو نقص. { ولا تبخسوا الناس أشياءهم } نهي من شعيب إِياهم عن بخس الحقوق وتنقيصها في الكيل والميزان وغيرهما، والبخس النقص عن الحد الذي يوجبه الحق تقول: بخس يبخس بخساً فهو باخس. والبخص بالصاد فقأ العين. وقال قتادة والسدي: البخس الظلم، ومنه المثل (تحسبها حمقاء وهي باخسة).
وقوله { ولا تفسدوا في الأرض بعد إِصلاحها } يعني بعد أن أصلحها الله بالأمر والنهي وبعثة الأنبياء وتعريف الخلق مصالحهم. والافساد اخراج الشىء الى حد لاينتفع به بدلاً عن حال ينتفع بها، وضده الاصلاح، والمعنى لا تخرجوا الى العمل في الأرض بالقبائح بعد أن أصلحها الله بالمحاسن.
وقوله { ذلكم } إِشارة لقومه الى ما أمرهم به ونهاهم عنه بأن امتثاله والانتهاء اليه خير لهم وأعود عليهم إِن كانوا مؤمنين مصدقين بالله، وانما علق خيريته بالايمان وإِن كان هو خيراً على كل حال من حيث أن من لا يكون مؤمناً بالله، وعارفاً بنبيه لم يمكنه أن يعلم أن ذلك خير له، وكأنه قال لهم: كونوا مؤمنين لتعلموا أن ذلك خير لكم. ويحتمل أن يكون المراد لا ينفعكم ايفاء الكيل والميزان إِلا بعد أن تكوا مؤمنين. قال الفراء: لم يكن لشعيب آية على النبوة. قال الزجاج وغيره: هذا غلط، لأنه قال { قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا } فجاء بالفاء جواباً للجزاء، فكيف يقول { قد جاءتكم بينة } ولم يكن له آية على النبوة، فان كان مع النبوة آية فقد جاءهم بها لأنه لو ادعى النبوة من غير آية لم يقبل منه. وآيات شعيب وإِن لم يذكرها الله في القرآن لا يجب أن يقال: لا آية له، لأن نبينا (صلى الله عليه وسلم) لم يذكر الله آياته كلها في القرآن ولا أكثرها وإِن كانت له آيات كثيرة، ولم يوجب ذلك نفيها.