معنى الآية اذكروا {إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم} يعني بالمعونة والنصرة، كما يقال: فلان مع فلان بمعني ان معونته معه. وذكر الفراء قال: كان الملك يأتي الرجل من اصحاب النبي صلى الله عليه وآله فيقول سمعت المشركين يقولون، والله لئن حملوا علينا لنكشفن، فيحدث المسلمون بعضهم بعضاً فيقوي انفسهم بذلك و "الايحاء" إلقاء المعنى إلى النفس من وجه يخفى، وقد يكون ذلك بنصب دليل يخفى إلا على من إلقي اليه من الملائكة.
وقوله {فثبتوا الذين آمنوا} قيل في معناه قولان: احدهما - احضروا معهم الحرب. والثاني - قال الحسن: قاتلوا معهم يوم بدر. وقال قوم: معنى ذلك الاخبار بأنه لا بأس عليهم من عدوهم.
وقوله {سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب} اخبار من الله تعالى انه يلقي في قلوب الكفار الرعب، وهو الخوف. تقول: رعبته ارعبه رعباً ورعباناً، فانا راعب، وذاك مرعوب. و {الرعب} إنزعاج النفس بتوقع المكروه. واصل الرعب التقطيع من قولهم رعبت السنام ترعيباً: اذا قطعته مستطيلا. والرعب يقطع حال السرور بضده من انزعاج النفس بتوقع المكروه. وجارية رعبوبة اذا كانت شطنة مشبهة بقطعة من السنام. ورعب السيل فهو راعب: اذا امتلا منه الوادي، لأنه انقطع اليه من كل جهة. والرعيب من الرجال النصير. قال الراجز:
ولا أجيب الرعب ان دعيت
وقوله {فاضربوا فوق الأعناق} قيل في معناه ثلاثة أقوال:
احدها - اضربوا الاعناق - ذهب اليه عطية - وقال غيره اضربوا على الاعناق. وقال قوم اضربوا فوق جلدة الاعناق.
وقوله {واضربوا منهم كل بنان} قال ابن جريج والضحاك والسدي: أراد بنان الأطراف من اليدين والرجلين والواحد بنانة. ويقال: للاصبع بنانة. واصله اللزوم من قولهم: أبنت السحابة إبناناً إذا لزمت. وأبن بالمكان اذا لزمه فسمي البنان بناناً، لأنه يلزم به ما يقبض عليه، قال الشاعر:
ألا ليتني قطعت مني بنانة ولاقيته في البيت يقظان حاذرا
وقال الفراء: أعلمهم مواضع الضرب، فقال: اضربوا الرؤوس والأيدي والأرجل. وقال الزجاج: اباح الله قتلهم بكل نوع يكون في الحرب. و {إذ} في موضع نصب على قوله "وليربط.. إذ يوحي" ويجوز على تقدير واذكروا.