خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ ءَاوَواْ وَّنَصَرُوۤاْ أُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ
٧٤
-الأنفال

التبيان الجامع لعلوم القرآن

اخبر الله تعالى في هذه الآية ان الذين آمنوا بالله وصدقوا رسوله وهاجروا من ديارهم وأوطانهم، يعني من مكة إلى المدينة، وجاهدوا مع ذلك في سبيل الله وقتال اعدائه. والذين آووا من الأنصار ومعناه ضموهم اليهم ونصروا النبي صلى الله عليه وآله بأنهم المؤمنون حقاً، وقيل في معناه قولان: احدهما انهم المؤمنون الذين حققوا ايمانهم لما يقتضيه من الهجرة والنصرة بخلاف من اقام بدار الشرك. الثاني - قال ابو علي الجبائي: معناه انهم المؤمنون حقاً، لان الله حقق ايمانهم بالبشارة التي بشرهم بها، ولو لم يهاجروا ولم ينصروا لم يكن مثل هذا.
واختلفوا في هل تصح الهجرة في هذا الزمان أو لا؟
فقال قوم: لا تصح لان النبي صلى الله عليه وآله قال:
"لا هجرة بعد الفتح" ولأن الهجرة انتقال من دار الكفر إلى دار الاسلام على هجر الاوطان، وليس يقع مثل هذا في هذا الزمان لاتساع بلاد الاسلام إلا أن يكون نادراً لا يعتد به.
وقال الحسن: بقيت هجرة الاعراب إلى الامصار إلى يوم القيامة.
والأقوى أن يكون حكم الهجرة باقياً، لأن من أسلم في دار الحرب ثم هاجر إلى دار الاسلام كان مهاجراً، وسمي الجهاد في سبيل الله لأنه طريق إلى ثواب الله في دار كرامته.
وقوله { لهم مغفرة ورزق كريم } اخبار منه تعالى أن لهؤلاء المغفرة لذنوبهم والرزق الكريم يعني العظيم الواسع والكريم الذي يصح منه الكرم من غير مانع. والكرم الجود العظيم والشرف قال الشاعر:

تلك المكارم لأقعبان من لبن شيبا بماء فعادا بعد أبوالا

وقيل: الرزق الكريم هنا طعام الجنة لانه لا يستحيل إلى أجوافهم نجواً بل يصير كالمسك ريحاً.