خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ ٱلْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنْجِيلِ وَٱلْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ ٱللَّهِ فَٱسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ ٱلَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ
١١١
-التوبة

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ حمزة والكسائي { فيقتلون ويقتلون } على مفعول وفاعل. الباقون على فاعل ومفعول. من قدم الفعل المسند إلى الفاعل، فلأنهم يقتلون اولا في سبيل الله ويقتلون، ولا يقتلون اذا قتلوا. ومن قدّم الفعل المسند إلى المفعول جاز أن يكون اراد ذلك المعنى ايضاً لأن المعطوف بالواو يجوز أن يراد به التقديم وان لم يقدّر ذلك كأن المعنى يقتل بعضهم ويقتل من بقي منهم بعد قتل من قتل منهم، كما أن قوله { فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله } ومعناه ما وهن من بقي منهم لقتل من قتل من المؤمنين. وحقيقة الاشتراء لا تجوز على الله تعالى، لأن المشتري انما يشتري ما لا يملك، والله تعالى مالك الأشياء كلها. وانما هو كقوله { { من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً } في أنه اجري بحسن المعاملة والتلفظ في الدعاء إلى الطاعة مجرى ما لا يملكه المعامل فيه، ولما كان الله تعالى رغب في الجهاد وقتال الأعداء وضمن على ذلك الثواب عبر عن ذلك بالاشتراء. فجعل الثواب ثمناً والطاعات مثمناً على ضرب من المجاز، وكما أن في مقابلة الطاعة الثواب فكذلك في مقابلة الألم العوض غير أن الثواب مقترن بالاجلال والاكرام، والعوض خال منهما، والمثاب محسن مستحق على احسانه المدح وليس كذلك المعوض.
أخبر الله تعالى أنه اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بما ضمن لهم على بذلها من الثواب في قوله { بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله } اعداء الله واعداء نبيه فيقتلون اعداء الله ويقتلهم اعداء الله فيصبرون على ذلك. ومن قدم المفعول اراد يقتل بعضهم، فيقتل الباقون أعداء الله.
وقوله { وعداً عليه حقاً } نصب { وعداً } على المصدر بما دل عليه اشترى اذ يدل على أنه وعد، ومثله
{ { صنع الله الذي أتقن كل شيء } و { { فطرة الله التي فطر الناس عليها } والوعد خبر بما يفعله المخبر من الخير بغيره. والوعيد خبر بما يفعله المخبر من الشر بغيره. وقوله { حقاً } معناه يتبين الوعد بالحق الواجب من الوعد بما لم يكن واجباً. فالوعد بالثواب دل على وجوبه من وجهين: احدهما - من حيث انه جزاء على الطاعة. والثاني - أنه إنجاز الوعد. وقوله { في التوراة والإنجيل والقرآن } معناه إن هذا الوعد للمجاهدين مذكور في هذه الكتب. قال الزجاج: وذلك يدل على أن. الجهاد كان واجباً على أهل كل ملة. وقوله { ومن أوفى بعهده من الله؟! } معناه لا أحد أحق بالوفاء بالعهد من الله { فاستبشروا } ايها المؤمنون { ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم } يعني ذلك الشراء والبيع هو الفلاح العظيم الذي لا يقارنه شيء.