خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ٱلتَّائِبُونَ ٱلْعَابِدُونَ ٱلْحَامِدُونَ ٱلسَّائِحُونَ ٱلرَّاكِعُونَ ٱلسَّاجِدونَ ٱلآمِرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱلنَّاهُونَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ وَٱلْحَافِظُونَ لِحُدُودِ ٱللَّهِ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ
١١٢
-التوبة

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قيل في ارتفاع قوله { التائبون } ثلاثة اقوال: احدها - انه ارتفع بالمدح والتقدير هم التائبون. الثاني - بالابتداء وخبره محذوف بعد قوله: { والحافظون لحدود الله } لهم الجنة. الثالث - على أن يكون بدلا من الضمير في "يقاتلون" أي إنما يقاتل في سبيل الله من هذه صفته. وقيل هو كقوله { لكن الرسول والذين آمنوا معه... التائبون } وقرأ أبي كل ذلك بالنصب على أنه صفة للمؤمنين.
وصف الله تعالى المؤمنين الذين اشترى منهم أنفسهم وأموالهم بأنهم التائبون ومعناه الراجعون إلى طاعة الله المنقطعون اليه والنادمون على ما فعلوه من قبيح { العابدون } اي يعبدون الله وحده لا شريك له { الحامدون } يعني الشاكرون لنعم الله عليهم على وجه الاخلاص له. وقال الحسن: هم الذين يحمدون الله على كل حال في سرّاء كانوا او ضرّاء، وبه قال قتادة: { السائحون } قيل معناه الصائمون. وقال المؤرج: السائحون الصائمون بلغة هذيل. وروي عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال
"سياحة امتي الصوم" وهو قول ابن مسعود وابن عباس وسعيد بن جبير والحسن ومجاهد. وقال الحسن: هم الذين يصومون ما افترض الله عليهم. وقال غيره: هم الذين يصومون دائماً وكذلك قال في قوله { الراكعون الساجدون } انهم الذين يؤدون ما افترض الله عليهم من الصلاة والركوع والسجود. وأصل السيح الاستمرار بالذهاب في الأرض كما يسيح الماء فالصائم مستمر على الطاعة في ترك المشتهى من المآكل والمشارب والمنكح.
وقوله { الراكعون الساجدون } معناه الذين يقيمون التي فيها الركوع والسجود { الأمرون بالمعروف والناهون عن المنكر } معناه الذين يأمرون بما امر الله به من الواجبات والمندوبات وينهون عما نهى الله عنه وزهد فيه من القبائح.
وانما عطف الناهون بالواو دون غيره من الصفات لأنه لا يكاد يذكر على الافراد بل يقال: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فجاءت الصفة مصاحبة للاولى، فأما قوله { والحافظون } فلأنه جاء وهو أقرب إلى المعطوف، ومعنى { الحافظون لحدود الله } انهم يحفظون ما أمر الله به ونهى عنه فلا يتجاوزونه إلى غيره. وقوله: { وبشر المؤمنين } امر للنبي صلى الله عليه وآله ان يبشر المؤمنين المصدقين بالله المعترفين بنبوته بالثواب الجزيل والمنزلة الرفيعة وخاصة إذا جمعوا هذه الأوصاف على كمالها وتمامها دون غيرهم.