خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوَٰهِهِمْ وَيَأْبَىٰ ٱللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَٰفِرُونَ
٣٢
-التوبة

التبيان الجامع لعلوم القرآن

اخبر الله تعالى عن هؤلاء الكفار من اليهود والنصارى انهم { يريدون ان يطفؤا نور الله بأفواههم } والاطفاء اذهاب نور النار. ثم استعمل في اذهاب كل نور. و { نور الله } القرآن والاسلام، في قول المفسرين: السدي والحسن. وقال الجبائي: نور الله: الدلالة والبرهان، لأنه يهتدى بها كما يهتدى بالأنوار.
وواحد الأفواه فم في الاستعمال، وأصله فوه فحذفت الهاء وأبدلت من الواو ميم، لأنه حرف صحيح من مخرج الواو مشاكل لها. ولما سمى الله تعالى الحجج والبراهين نورا سمى معارضتهم له اطفاء. وأضاف ذلك إلى الافواه، لأن الاطفاء يكون بالافواه، وهو النفخ، وهذا من عجيب البيان مع ما فيه من تصغير شأنهم وتضعيف كيدهم، لأن النفخ يؤثر في الأنوار الضعيفة دون الاقباس العظيمة ذكره الحسين بن علي المغربي. وقوله { ويأبى الله إلا أن يتم نوره } الاباء الامتناع مما طلب من المعنى. قال الشاعر:

وإن أرادوا ظلمنا أبينا

أي منعناهم من الظلم، وليس الاباء من الكراهة في شئ على ما يقول المجبرة لأنهم يقولون: فلان يأبى الضيم، فيمدحونه، ولا مدحة في كراهة الضيم لتساوي الضعيف والقوي في ذلك. وإنما المدح في المنع خاصة، ولذلك مدح عروة بن الورد بأنه أبى للضيم بمعنى أنه ممتنع منه، وقوله (وإن ارادوا ظلمنا أبينا) يدل على ذلك لأنه لا مدحة في ان يكرهوا ظلم من يظلمهم. وإنما المدحة في منع من أراد ظلمهم. والمنع في الاية يمنع الله إلا إتمام نوره. وإن كره الكافرون. ولا يجوز على قياس { ويأبى الله إلا أن يتم نوره } أن تقول: ضربت إلا أخاك، لأن في الاباء معنى النفي، فكأنه قال: لا يمكنهم الله إلا أن يتم نوره. وإذا لم يكن في اللفظ مستثنى منه لم تدخل "إلا" في الايجاب، وتدخل في النفي على تقدير الحذف قال الشاعر:

وهل لي أم غيرها ان تركتها أبى الله إلا أن اكون لها ابنما

والتقدير في الآية ويأبى الله كل شيء الا اتمام نوره. في قول الزجاج، وأنكر أن يكون في الآية معنى الجحد.