خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ
٥٣
-التوبة

التبيان الجامع لعلوم القرآن

أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله ان يقول لهؤلاء المنافقين { انفقوا } وصورته صورة الامر وفيه ضرب من التهديد وهو مثل قوله { فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر } } وانما هو بيان عن توسعة التمكين من الطاعة والمعصية، وقال قوم: معناه الخبر الذي تدخل (إن) فيه للجزاء كما قال كثير:

اسيئي بنا او احسني لا ملومة لدينا ولا مقلية ان تقلت

كأنه قال: إن أحسنت أو أسأت لم تلامي، وإنما حسن ان يأتي بصيغة الأمر على معنى الخبر بتوسعة التمكين لأنه بمنزلة الأمر في طلب فعل ما يتمكن الذي قد عرفه المخاطب، كأنه قيل اعمل بحسب ما يوجبه الحق فيما مكنت من الامرين. ووجه آخر أن كل واحد من الضربين كالمأمور به في انه لا يعود وبال العائد الاعلى المأمور. وقوله { طوعاً } فالطوع الانقياد بارادة لمن عمل عليها. والكره فعل الشيء بكراهة حمل عليها. وقوله { لن يتقبل منكم } معناه لا يجب لكم به الثواب على ذلك مثل تقبل الهدية ووجوب المكافاة وتقبل التوبة وايجاب الثواب عليها، ومثله في كل طاعة.
وقوله { إنكم كنتم قوماً فاسقين } اخبار منه تعالى وخطاب لهؤلاء المنافقين بأنهم كانوا فاسقين متمردين عن طاعة الله، فلذلك لم يقبل نفقاتهم وإنما كانوا ينفقون أموالهم في سبيل الله المرياء ودفعاً عن انفسهم.