خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْفَتْحُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
٢٨
قُلْ يَوْمَ ٱلْفَتْحِ لاَ يَنفَعُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِيَمَانُهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ
٢٩
-السجدة

تفسير صدر المتألهين

قال الفرّاء: المراد به فتح مكة، وقال السدي: "الفتح": هو القضاء بعذابهم في الدنيا، وهو يوم بدر، وقال مجاهد: هو الحكم بالثواب والعقاب يوم القيامة. كان الكفار يسمعون المسلمين يستفتحون بالله عليهم، فقالوا لهم: متى هذا الفتح، فأمر الله نبيه (صلّى الله عليه وآله وسلم) بأن يقول لهم وينبئهم على أن بعد الفتح لا ينفع إيمان من كان كافراً من قبل، كما في قوله تعالى { { يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ } [الأنعام:158]، أي لا يمهلون ولا يؤخَّر عنهم العذاب.
هذا على تقدير أن يكون يوم الفتح القيامة، وأما على أحد الوجهين الأخيرين ففيه إشكالان:
أحدهما: عدم مطابقة الجواب للسؤال في الظاهر.
والثاني: أنه قد نفع الإيمان الطلقاء يوم فتح مكة وناساً يوم بدر.
والجواب عن الأول: أن مقصود السائلين عن وقت الفتح واستعجالهم به على وجه التكذيب والاستهزاء، فوقع الجواب على حسب غرضهم وأسلوب استبعادهم له، فقيل لهم: لا تستعجلوا به ولا تستهزئوا (تستبعدوه - ن)، فكأني بكم وقد وجدتم في ذلك اليوم وآمنتم به، فلم ينفعكم إيمانكم يوم الحساب، ولا لكم الاستمهال عن حلول العقاب.
وعن الثاني: أن المقتولين منهم لا ينفعهم إيمانهم في حال القتل، كما لم ينفع إيمانٌ فرعونَ حين الغَرَق.
كشف تنبيهي
"يوم الفتح": يطلق تارة على وقت الولادة المعنوية التي تنفتح مملكة البدن وعساكر قواها البهيمية والسبعية والشيطانية للروح، وتارة يطلق على القيامة الصغرى، وهو الموت الطبيعي الذي يفتح باب حجاب البدن، وتارة يطلق على يوم القيامة الكبرى بظهور المهدي (عليه السلام) وغلبته على الدجّال والدجّالين، ولا ينفع حينئذ إيمان المحجوبين، لأنه لا يكون إيمانهم بحسب الكشف والبرهان، بل بحسب حديث النفس واللسان والمجادلة والبحث والغلبة والطغيان، فلا يغني عن هؤلاء المحجوبين عذابُ الطرد والبُعد والحِرمان.