خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ ٱلرَّحْمَـٰنُ بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلاَ يُنقِذُونَ
٢٣
إِنِّيۤ إِذاً لَّفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ
٢٤
-يس

تفسير صدر المتألهين

أي كيف ساغ لي في اتخاذ الأصنام آلهة لي، إن أراد الله إهلاكي والإضرار بي، لا تدفع عني شفاعتُهم شيئاً، بمعنى أن لا شفاعة لهم ولا ينقذوني، أي لا يمكن لهم أن يخلصوني من ذلك الهلاك والضرر والمكروه، إني إن فعلت ذلك، لفي عدول واضح عما فُطِرت عليه العقول.
والوجه في وقوعه على نمط الاحتجاج، أن العبادة لا يستحقها إلاّ المنعِم بأصول النعم، والمعطي للعبد ما به القِوام، وما به يدفع عنه الهلاك والآلام، وليس هو إلاّ القيّوم الواحد الأحد، والغرض من مخاطبة النفس، مجرد تصوير الدليل وتحقيق المقدمات، لا إظهار الندامة على ما سبق كما توهم، أي كيف يجوز للعاقل أن يستحل عنده أن يتخذ آلهة من دون الله، ويختار على عبادته عبادة أصنام لا يقدرون على دفع ضر وآفة عنه، ولو أراد الرحمن بضرٍّ له، لم يتمكنوا على شفاعته، ولو شفعوا له، لم تنفع شفاعتهم إياه، ولا أيضاً يقدرون على انقاذه من شر الطبع والهوى بالشفاعة وغيرها، كالملائكة والنبيين، انه في هذا الإختيار، لراكب متن الضلالة الظاهرة، وساكن سفينة الإنحراف المبين، عن جادة العقل الرزين، ومنهج السبق اليقين، ولا يبعد أن تكون هذه الآية، على مساق الآية المتقدمة، أي: أتتخذون من دون الله أصناماً آلهة أن أرادكم الرحمن بِضُرٍّ لا تغنِ عنكم شفاعتهم شيئاً، فأنتم إذاً لفي غواية جليَّة وضلالة بيّنة.
وفي الكشاف: "وقد ساق الكلام إلى أن قال:
{ إِنِّيۤ آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَٱسْمَعُونِ } [يس:25].