خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلاَلٍ عَلَى ٱلأَرَآئِكِ مُتَّكِئُونَ
٥٦
-يس

تفسير صدر المتألهين

"هم" إما مبتدأ خبره إما "في ظلال"، أو "على الأرائك متكئون"، وإما تأكيد للضمير في "شُغُل"، وفي "فاكهون"، على أن أزواجهم تشاركنهم في ذلك الشغل والتفكه.
و"الأرائك" جمع "أريكة" وهو: السرير في الحجلة، وقيل: "الأرائك" الوسائد، وقال الأزهري: كل ما اتكئ عليه.
وقرئ: في ظُلل. وقرأ ابن مسعود: متكين.
أخبر سبحانه عن بعض أحوال السعداء وقال: هم وأزواجهم في ظلال، أي: هم وحلائلهم في الدنيا ممن وافقهم على إيمانهم في أستار عن وهج الشمس وسمومها، كما أنهم في حفظ عن برد الزمهرير وجموده، فهم في حالة معتدلة لا حرّ فيها ولا برد، لقوله:
{ لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلاَ زَمْهَرِيراً } [الإنسان:13].
وقيل: أزواجهم اللاتي زوّجهم الله في الجنة من الحور العين، في ظلال أشجار الجنة، أو في ظلال تسترهم من نظر العيون إليهم، على الأرائك - وهي السرر عليها الحجال.
مكاشفة
الضمير راجع إلى أرواح أهل الإيمان، الذين استكملوا بالعلم والتقوى، فصاروا تحت ظلال الملكوت، مرتفعين عن عالم الناسوت، و "أزواجهم"، نفوسهم التي يسكنون إليها، فإن نسبة النفس إلى الروح نسبة الزوجة إلى الزوج، لانفعالها وتأثرها عن واردات الروح، وانقيادها وتسليمها له، إذا كانت صالحة مطواعة، غير ناشزة وأَنِفَة عن طاعته، ولا كيادة غدارة في صحبته.
أي: هم ونفوسهم الموافقة لهم في التوجه إلى الحق، المشايعة المطاوعة إياهم في طريق العبودية لله، في ظلال من أنوار الصفات، وهي الحجب النورية والوسائط العقلية المشار إليها في قوله (صلى الله عليه وآله وسلم):
"إن لله سبعين ألف حجاب من نور وظلمة، لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه كلما انتهى إليه نظره" ، على الأرائك - المقامات والدرجات - متّكئون.
ويحتمل أن يكون "هم" مبتدأ خبره "على الأرائك متكئون"، ويكون "أزواجهم في ظلال" جملة حالية من مبتدء وخبر، فإن النفس واقعة في ظل الروح، بل الظرفية تجويزية من باب عموم المجاز، لأن النفس هي بعينها ظل نور الروح ودخانية ناره، كما أن البدن بصفوة أخلاطه وروحه النفساني في ظل النفس وكدر صافها.