خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

بِسمِ ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ
١
ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ
٢
ٱلرَّحْمـٰنِ ٱلرَّحِيمِ
٣
مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ
٤
-الفاتحة

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ بسم اللّهِ الرَّحْمن الرَّحِيمِ }
في التوحيد وتفسير الإِمام عن أمير المؤمنين عليه السلام: الله هو الذي يتأله إليه كل مخلوق عند الحوائج والشدائد إذا انقطع الرجاء من كل وجه من دونه وتقطع الأسباب من (عن خ ل) جميع من سواه تقول بسم الله أي أستعين على أموري كلها بالله الذي لا تحق العبادة الاّ له المغيث إذا استغيث والمجيب إذا دعي.
أقول: معنى يتأله إليه: يفزع إليه ويلتجأ ويسكن.
وفي رواية أخرى عنه عليه السلام يعني بهذا الاسم اقرأ واعمل هذا العمل.
وفي العيون والمعاني عن الرضا عليه السلام يعني بهذا أسِمُ نفسي بسمة من سمات الله وهي العبادة، قيل له ما السمة قال العلامة.
وفي التوحيد وتفسير الإِمام عليه السلام قال رجل للصادق عليه السلام: يا بن رسول الله دلني على الله ما هو فقد أكثر علي المجادلون وحيروني فقال يا عبد الله هل ركبت سفينة قط؟ قال: بلى، قال: فهل كسرت بك حيث لا سفينة تنجيك ولا سباحة تغنيك؟ قال: بلى قال: فهل تعلّق قلبك هناك أنَّ شيئاً من الأشياء قادر على أن يخلصك من ورطتك؟ قال: بلى. قال الصادق عليه السلام: فذاك الشيء هو الله القادر على الإِنجاء حين لا منجي وعلى الإِغاثة حين لا مغيث ويأتي في معنى الله حديث آخر في تفسير سورة الاخلاص إن شاء الله، وعن أمير المؤمنين عليه السلام: الله أعظم اسم من أسماء الله عز وجل لا ينبغي أن يتسمى به غيره.
وعنه عليه السلام: الرحمن الذي يرحم ببسط الرزق علينا. وفي رواية العاطف على خلقه بالرزق لا يقطع عنهم مواد رزقه وإن انقطعوا عن طاعته. الرحيم بنا في أدياننا ودنيانا وآخرتنا خفف علينا الدين وجعله سهلاً خفيفاً (حنيفاً خ ل) وهو يرحمنا بتمييزنا من أعدائه.
أقولُ: رزق كل مخلوق ما به قوام وجوده وكماله اللائق به فالرحمة الرحمانية تعم جميع الموجودات وتشتمل كل النعم كما قال الله سبحانه: أحسن كل شيء خلقَه ثم هدى. وأما الرحمة الرحيمية بمعنى التوفيق في الدنيا والدين فهي مختصة بالمؤمنين وما ورد من شمولها للكافرين فإنما هي من جهة دعوتهم إلى الإِيمان والدين مثل ما في تفسير الامام عليه السلام من قولهم عليهم السلام الرحيم بعباده المؤمنين في تخفيفه عليهم طاعاته وبعباده الكافرين في الرفق في دعائهم إلى موافقته. ومن ثمة قال الصادق عليه السلام: الرحمن اسم خاص لصفة عامة والرحيم اسم عام لصفة خاصة. وقال عيسى بن مريم عليه السلام: الرحمن رحمن الدنيا والرحيم رحيم الآخرة يعني في الأمور الأخروية.
رواهما في المجمع وفي الكافي والتوحيد والمعاني والعياشي عن الصادق عليه السلام الباء بهاء الله والسين سناء الله والميم مجد الله. وفي رواية ملك الله والله إله كل شيء الرحمن بجميع خلقه والرحيم بالمؤمنين خاصة.
والقمّي عنه عليه السلام مثله بالرواية الأخيرة فحسب.
وروى في المشكاة أورده في المجمع عن النبيّ صلى الله عليه وآله
"أن لله عزّ وجلّ مائة رحمة أنزل منها واحدة إلى الأرض فقسمها بين خلقه فبها يتعاطفون ويتراحمون وأخر تسعاً وتسعين لنفسه يرحم بها عباده يوم القيامة" .
وروي أن الله قابض هذه إلى تلك فيكملها مائة يرحم بها عباده يوم القيامة.
وفي تفسير الامام معنى ما في الروايتين عن أمير المؤمنين عليه السلام والتسمية في أول كل سورة آية منها وإنما كان يعرف انقضاء السورة بنزولها ابتداء للأخرى وما أنزل الله كتاباً من السماء الا وهي فاتحته كذا عن الصادق عليه السلام رواه العياشي.
وفي الكافي عن الباقر عليه السلام: أول كل كتاب أنزل من السماء بسم الله الرحمن الرحيم فاذا قرأتها فلا تبال أن لا تستعيذ فاذا قرأتها سترتك فيما بين السماء والأرض.
وفي العيون عن أمير المؤمنين عليه السلام: أنها من الفاتحة وأن رسول الله صلّى الله عليه وآله يقرؤها ويعدها آية منها ويقول فاتحة الكتاب هي السبع المثاني، وفيه وفي العياشي عن الرضا عليه السلام أنها أقرب إلى اسم الله الأعظم من ناظر العين إلى بياضها.
ورواه في التهذيب عن الصادق عليه السلام.
والقمّي عنه أنها أحق ما يجهر به وهي الآية التي قال الله عز وجل:
{ { وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي ٱلْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَىٰ أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً } [الإسراء: 46].
وفي الخصال عنه عليه السلام: أن الاجهار بها في الصلاة واجب.
والعياشي عنه عليه السلام قال: ما لهم قاتلهم الله عمدوا إلى أعظم آية في كتاب الله فزعموا أنها بدعة إذا أظهروها.
أقولُ: يعني العامة، عن الباقر عليه السلام سرقوا آية من كتاب الله بسم الله الرحمن الرحيم وينبغي الإِتيان بها عند افتتاح كل أمر عظيم أو صغير ليبارك فيه. ففي الكافي عن الصادق عليه السلام قال: لا تدعها ولو كان بعده شعر.
وفي التوحيد وتفسير الامام عنه عليه السلام من تركها من شيعتنا امتحنه الله بمكروه لينبهه على الشكر والثناء ويمحق عنه وصمة تقصيره عند تركه، وعن أمير المؤمنين عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله حدّثني عن الله عز وجل أنه قال
"كل امر ذي بال لم يذكر فيه بسم الله الرحمن الرحيم فهو ابتر" .
{ (2) الْحَمْدُ لِلهِ }: يعني على ما أنعم الله به علينا، في العيون وتفسير الامام عليه السلام عن امير المؤمنين عليه السلام أنه سئل عن تفسيرها فقال: هو أن الله عرف عباده بعض نعمه عليهم جملا إذ لا يقدرون على معرفة جميعها بالتفصيل لأنها أكثر من أن تحصى أو تعرف فقال قولوا الحمد لله على ما أنعم به علينا.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام: ما أنعم الله على عبد بنعمة صغرت أو كبرت فقال: الحمد لله الا أدى شكرها.
{ رَبِّ الْعَالَمِينَ }: في العيون وتفسير الامام عليه السلام عن أمير المؤمنين عليه السلام يعني مالك الجماعات من كل مخلوق وخالقهم وسائق أرزاقهم إليهم من حيث يعلمون ومن حيث لا يعلمون يقلّب الحيوانات في قدرته ويغذوها من رزقه ويحوطها بكنفه ويدبر كلا منها بمصلحته ويمسك الجمادات بقدرته ويمسك ما اتصل منا عن التهافت والمتهافت عن التلاصق والسماء أن تقع على الأرض إلا باذنه والأرض أن تنخسف الاّ بأمره.
{ (3) الرَّحْمنِ الْرَّحِيْمِ }: قيل لعل تكريرهما للتنبيه بهما في جملة الصفات المذكورة على استحقاقه للحمد.
{ (4) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ }: في تفسير الامام عليه السلام يعني القادر على إقامته والقاضي فيه بالحق والدين والحساب.
وقرئ ملك يوم الدين روى العياشي أنه قرأه الصادق عليه السلام ما لا يحصى.
وفي تفسير الامام عليه السلام عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال:
"أكيس الكيّسين من حاسب نفسه وعمل لما بعد الموت وإنّ أحمقَ الحمقاء من اتبع نفسه هواه وتمنّى على الله تعالى الأماني" ، وفي حديث آخر: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا" .
أقول: وفيهما دلالة على أن لكل إنسان أن يفرغ من حسابه ووزن عمله في دار الدنيا بحيث لا يحتاج إليهما في الآخرة وهو كذلك عند أولي الألباب.