خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ
٧٢
فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي ٱلْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلاَئِفَ وَأَغْرَقْنَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُنْذَرِينَ
٧٣
ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِ رُسُلاً إِلَىٰ قَوْمِهِمْ فَجَآءُوهُمْ بِٱلْبَيِّنَٰتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ كَذَٰلِكَ نَطْبَعُ عَلَىٰ قُلوبِ ٱلْمُعْتَدِينَ
٧٤
ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِمْ مُّوسَىٰ وَهَـٰرُونَ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلإِيْهِ بِآيَـٰتِنَا فَٱسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ
٧٥
فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُوۤاْ إِنَّ هَـٰذَا لَسِحْرٌ مُّبِينٌ
٧٦
قَالَ مُوسَىٰ أَتقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَكُمْ أَسِحْرٌ هَـٰذَا وَلاَ يُفْلِحُ ٱلسَّاحِرُونَ
٧٧
قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا ٱلْكِبْرِيَآءُ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ
٧٨
وَقَالَ فِرْعَوْنُ ٱئْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ
٧٩
فَلَمَّا جَآءَ ٱلسَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُّوسَىٰ أَلْقُواْ مَآ أَنتُمْ مُّلْقُونَ
٨٠
فَلَمَّآ أَلْقَواْ قَالَ مُوسَىٰ مَا جِئْتُمْ بِهِ ٱلسِّحْرُ إِنَّ ٱللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ ٱلْمُفْسِدِينَ
٨١
وَيُحِقُّ ٱللَّهُ ٱلْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُجْرِمُونَ
٨٢
فَمَآ آمَنَ لِمُوسَىٰ إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَىٰ خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي ٱلأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ ٱلْمُسْرِفِينَ
٨٣
وَقَالَ مُوسَىٰ يٰقَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِٱللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوۤاْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ
٨٤
-يونس

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (72) فَإِن تَوَلَّيْتُمْ } أعرضتم عن تذكيري { فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أجْرٍ } يوجب تولّيكم لثقله عليكم واتهامكم إيّاي لأجله { إِِنْ أَجْريَ } ما ثوابي على الدعوة والتذكير { إلاَّ عَلَى اللهِ } لا تعلق له بكم يثيبني به آمنتم أو تولّيتم { وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ } المنقادين لحكمه لا اخالف أمره ولا أرجو غيره.
{ (73) فَكَذَّبُوهُ } فأصرّوا على تكذيبه بعدما الزمهم الحجّة وكان تكذيبهُمْ له في آخر المدّة الطويلة كتكذيبهم في أوّلها { فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَّعَهُ فِي الْفُلْكِ } من الغَرَق { وَجَعَلْنَاهُمْ خَلآَئِفَ } خلفاء لمن هلك بالغرق { وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا } بالطّوفان { فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ } تعظيم لما جرى عليهم وتحذير لمن كذّب الرّسول عن مثله وتسلية له.
{ (74) ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِ } أرسلنا من بعد نوح { رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ } يعني هوداً وصالحاً وابراهيم ولوطاً وشعيباً كلاًّ إلى قومه { فَجَآءُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ } بالمعجزات الواضحة المثبتة لدعواهم { فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ } فما استقام لهم أن يؤمنوا لشدَّة تصمِمّهم على الكفر { بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ } يعني في الذّر وقد مضى الأخبار في هذا المعنى في سورة الأعراف { كَذلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ } بالخذلان لانهماكهم في الضّلال واتباع المألوف.
{ (75) ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِمْ } من بعد هؤلاءِ الرّسل { مُّوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلإِيِْهِ } وحزبه { بِآيَاتِنَا } بالآياتِ التّسع { فَاسْتَكْبَرُواْ } عن اتباعهما { وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ } معايدين الإِجرام فلذلك تهاونوا رسالة ربهّم واجترؤا على ردّها.
{ (76) فَلَمَّا جَآءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا } وعرفوه بتظاهر المعجزاتِ القاهرة المزيحة للشكّ { قَالُواْ } من فرط تمّردهم { إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُّبِينٌ } ظاهر.
{ (77) قَالَ مُوسَى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَكُمْ } إنّه لسحر حذف محكي القول لدلالة ما بعده وما قبله عليه أو المعنى أتعيبون الحق وتطعنون فيه { أَسِحْرٌ هَذَا } استيناف بانكار ما قالوه ليس بمحكّي القول لأنّهم بتّوا القول { وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ } من تمام كلا موسى.
{ (78) قَالُواْ أَجئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا } لتصرفنا { عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ ءَابَاءَنَا } من عبادة الأصنام { وَتكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيآءُ فِي اْلأَرْضِ } أي الملك فيها لإِتّصاف الملوك بالكبر { وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ } مصدّقين فيما جئتما به.
{ (79) وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَليمٍ } حاذق فيه وقرىء سحار.
{ (80) فَلَمَّا جَآءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُم مُّوسَى أَلْقُواْ مَآ أَنتُم مُّلْقُونَ }.
{ (81) فَلَمَّآ ألْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ } أي الذي جئتم به لا ما سمّيتموه سحراً وقرىء السّحر بقطع الألف ومدّها على الإِستفهام فما استفهاميّة { إنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ } سيمحقه ويظهر بطلانه { إنَّ اللهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ } لا يثبته ولا يقويّه.
{ (82) وَيُحِقُّ اللهُ الْحَقَّ } يثبته { بِكَلِمَاتِهِ } بأوامره وقضاياه { وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ }.
{ (83) فَمَآ ءَامَنَ لِمُوسَى } في مبدء أمْره { إلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ } إلاّ أولاد من قوم موسى يعني بني اسرائيل أو قوم فرعون قيل دعاهم فلم يجيبوه خوفاً من فرعون الا طائفة من شبانهم { عَلَى خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلاَءِهِمْ } أي حزب آل فرعون { أَن يَفْتِنَهُمْ } أن يعذبهم فرعون { وَإنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأَرْضِ } لقاهر فيها { وَإِنَّهُ لِمِنَ الْمُسْْرِفِينَ } في الكبر والعتوّ والظلم والفساد حتى ادعى الرّبوبيّة واسترقّ أسباط الأنبياء.
{ (84) وقَالَ مُوسَى } لمّا رأى تخوّف المؤمنين به { يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ ءَامَنتُم بِاللهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ } فَبِهِ ثقوا وإليه اسندو أمركم وعليه اعتمدُوا { إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ } مستسلمين لقضاء الله المخلصين له وليس هذا تعليق الحكم بشرطين فانّ المعلّق بالإِيمان وجوب التوكّل فانّه المقتضي له والمشروط بالإِسلام حصوله فانّه لا يوجد مع التخليط ونظيره ان دعاك زيد فأجبه إن قدرت.