خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَابَ فَٱخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ
١١٠
وَإِنَّ كُـلاًّ لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
١١١
فَٱسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
١١٢
وَلاَ تَرْكَنُوۤاْ إِلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنْ أَوْلِيَآءَ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ
١١٣
وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ طَرَفَيِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ ٱلَّيْلِ إِنَّ ٱلْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيِّئَاتِ ذٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ
١١٤
-هود

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (110) وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ } فآمن به قوم وكفر به قوم كما اختلف هؤلاء في القرآن.
في الكافي عن الباقر عليه السلام اختلفوا كما اختلف هذه الأمّة في الكتاب وسيختلِفون في الكتاب الذي مع القائم الذي يأتيهم به حتّى ينكره ناس منهم فيقدّمهم فيضرب أعناقهم { وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ } يعني كلمة الإِنظار إلى يوم القيامة { لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ } بانزال ما يستحقه المبطل ليتميّز عن المحقّ { وَإِنَّهُمْ } وان كفّار قومك { لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ } من القرآن { مُرِيبٍ } موقع للرّيبة.
{ (111) وَإنَّ كُلاًّ } وانّ كل المختلفين المؤمنينَ والكافِرين { لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ }.
القميّ قال في القيامةِ قيل الّلام في لما توطئة للقسم والأخرى للتوكيد أو وما مزيدة للفصل بينهما يعني وان جميعهم والله ليوفينّهم ربّك جزاء أعمالهم وقرئ أن بالتخفيف من المثقلة على إِعمال المخففة عمل الثقيلة اعتباراً لأصلها ولما بالتشديد على أنّ أصله لمن ما يعني لمن الذين يوفّيهم وقرئ أُبيّ وان كلّ بالرّفع ولما بالتشديد على أنّ إنْ نافيه ولمّا بمعنى الا ويؤيده قراءة إلا مكان لمّا { إنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } فلا يفوت عنه شيء وان خفي.
{ (112) فَاسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ } على جادة الحق غير عادل عنها وهي شاملة للعقايد والأعمال { وَمَن تَابَ مَعَكَ } وليستقم من تاب من الكفر وآمن معك { وَلاَ تَطْغَواْ } ولا تخرجوا من حدود الله { إنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } فهو مجازيكم عليه.
في الجوامع عن الصادق عليه السلام فاستقم كما أمرت أي افتقر إلى الله بصحة العزم وعن ابن عبّاس ما نزلت آية أشق على رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم من هذه الآية ولهذا قال شيّبتني هود والواقعة واخواتهما.
{ (113) وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ } ولا تميلوا إليهم أدنى ميل فانّ الرّكون هو الميل اليسير { فَتَمسَّكُمُ النَّارُ } بركونكم إليهم.
في المجمع عنهم عليهم السلام أنّ الركون المودّة والنصيحة والطاعة والقميّ مثله.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام هو الرّجل يأتي السلطان فيحبّ بقاءه إلى أن يدخِل كيسه فيعطيه والعياشي عنه عليه السلام أما انّه لم يجعلها خلوداً ولكن تمسّكم فلا تركنوا إليهم { وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِيَآءَ } من أنصار يمنعون العذاب عنكم { ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ } ثمّ لا ينصركم الله.
{ (114) وَأَقِمِ الصَّلاَة طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ } وساعات من الليل قريبة من النهار من أزلفه إذا قرّبه وهو جمع زلفة.
في التهذيب عن الباقر عليه السلام طرفاه المغرب والغداة وزلفاً من الليل هي صلاة العشاءِ الآخرة.
والعياشي عن الصادق عليه السلام مثله { إنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ } يكفرّنها.
وفي الحديث النّبويّ المشهور
"إِنّ الصلاة إلى الصلاة كفّارة ما بينهما ما اجتنبت الكباير" .
وفي الأمالي عن أمير المؤمنين عليه السلام إِنّ الله يكفّر بكلّ حسنة سيئة ثم تلا الآية.
وفي الكافي والعياشي عن الصادق عليه السلام في هذه الآية صلاة المؤمن باللّيل يذهب بما عمل من ذنب بالنّهار والقميّ مثله.
وفي الكافي عنه عليه السلام قال
"قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم أربع من كنّ فيه لم يهلك على الله بعدهنّ الا هالك يهّم العبد بالحسنة فيعملها فان هو لم يعملها كتب الله له حسنة بحسن نيّة وان هو عملها كتب الله له عشراً ويهمّ بالسّيّئة أن يعملها فان لم يعملها لم يكتب عليه شيء وان هو عملها أجّل سبع ساعات وقال صاحب الحسنات لصاحب السيئات وهو صاحب الشمال لا تعجل عسى أن يتبعها بحسنة تمحوها فان الله عزّ وجلّ يقول { إِنّ الحَسَنات يذهبن السيئيات } أو الإِستغفار فان هو قال استغفر الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم الغفور الرحيم ذو الجلال والإكرام واتوب إليه لم يكتب عليه شيء وان مضت سبع ساعات ولم يتبعها بحسنة واستغفار قال صاحب الحسنات لصاحب السّيّئات اكتب على الشّقيّ المحروم" .
وفي المجمع والعياشي عنه عليه السلام اعلم أنّه ليسّ شيء اضرّ عافية ولا أسرع ندامةً من الخطيئة وانّه ليس شيء أشدّ طلباً ولا أسرع دركاً للخطيئة من الحسنة أما أنّها لتدرك الذنب العظيم القديم المنسيّ عند صاحبه فتحطّه وتسقطه وتذهب به بعد اثباته وذلك قوله سبحانه { انّ الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذّاكرين }، وعن أحدهما عليهم السلام أنّ عليّاً عليه السلام قال سمعت حبيبي رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم يقول أَرجى آية في كتاب الله أقم الصّلاة طرفي النّهار وقرء الآية كلّها وقال يا عليّ والذي بعثني بالحقّ بشيراً ونذيراً انّ أحدكم ليقوم إلى وضوئه فتساقط عن جوارحه الذنوب فاذا استقبل الله بقلبه ووجهه لم ينفتِل وعليه من ذنوبه شيء كما ولدته أمّه فان أصاب شيئاً بين الصلوتين كان له مثل ذلك حتّى عدّ الصلوات الخمس ثم قال يا عليّ إنّما مثل الصّلوات الخمس لأمّتي كنهر جار على باب أحدهم فما يظن أحدهم اذا كان في جسده درن ثمّ اغتسل في ذلك النّهر خمس مرات أكان يبقى في جسده درن فكذلك والله الصّلوات الخمس لأمّتي قيل إشارة إلى قوله فاستقم وما بعده { ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ } عظة للمتّعظين.