{ (115) وَاصْبِرْ } على الطاعات وعن المنهيّات { فِإنَّ الله لاَ يُضيعُ أجْرَ الْمُحسِنِينَ }
عدل عن المضمر ليكون كالبرهان على المقصُود.
{ (116) فَلَوْلاَ كَانَ } فهلاّ { مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أَُوْلُواْ بَقِيَّةٍ } من الرأي والعقل والفضل وانّما سمِّي بقيّة لأنّ الرجل يستبقي لنفسه أفضل ما يخرجه ومنه يقال فلان من بقيّة القوم أي من خيارهم وقولهم في الزَّوايا خبايا وفي الرجال بقايا { يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أنْجَيْنَا مِنْهُمْ } لكن قليلاً منهم أنجيناهم لأنّهم نهوا عن الفساد { وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَآ أُتْرِفُواْ فِيهِ } ما أنعموا فيه من الشّهوات أراد بالذين ظلمُوا تاركي النّهي عن المنكرات أي اتّبعوا ما عوّدوا من التنعّم وطلب أسباب العيش الهَنيء ورفضوا ما وراء ذلك { وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ } كأنّه أراد بيان سَبَب اسْتيصال الأمَمِ السالفة وهو فشوّ الظلم فيهِم واتباعهم للهوى وتركهم النّهي عن المنكرات.
{ (117) وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ } منه لهم أو منهم لأنفسهم كشرك ومعصية { وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ } فيما بينهم في المجمع عن النّبيّ صلَّى الله عليه وآله وسلم وأهلها مصلحون ينصف بعضهم من بعضٍ.
أقُولُ: وذلك لفرط رحمته ومسامحته في حقوق نفسه دون حقوق عباده ولذا قيل الملك يبقى مع الكفر ولا يبقى مع الظلم.
{ (118) وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً } مسلمين كلّهم، القميّ أي على مذهب واحِد { وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ } بعضهم اختار الحق وبعضهم اختار الباطل لا تكاد تحد اثنين يتفقان مطلقاً.