خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَالُواْ يَٰأَبَانَآ إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ ٱلذِّئْبُ وَمَآ أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ
١٧
وَجَآءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَٱللَّهُ ٱلْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ
١٨
وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ فَأَدْلَىٰ دَلْوَهُ قَالَ يٰبُشْرَىٰ هَـٰذَا غُلاَمٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ
١٩
-يوسف

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (17) وَجَآءُو عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ } مكذوب فيه وصف بالمصدر للمبالغة.
القميّ عن الباقر عليه السلام ذبحوا جدياً على قميصه والعياشي عن الصادق عليه السلام لمّا أوتي بقميص يوسف على يعقوب قال اللهم لقد كان ذئباً رفيقاً حين لم يشق القميصَ قال وكان به نضح [فضح خ ل] من دم والقميّ قال ما كان أشدّ غضب ذلك الذئب على يوسف عليه السلام واشفقه على قميصه حيث أكل يوسف ولم يمزّق قميصَه { قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً } أي سهّلت لكم وهوّنت في أعينكم أمراً عظيماً من السّول وهو الاسترخاءِ { فَصَبْرٌ جَمِيلٌ } فأمري صبر جميل وفي الحديث النّبوي صلىَّ الله عليه وآله وسلم
"الصبر الجميل الذي لا شكوى فيه إلى الخلق" ورواه ابن عقدة عن الصادق عليه السلام والعياشي عن الباقر عليه السلام { وَاللهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ } على احتمال ما تصفونه من هلاك يوسف.
في العِلل والعياشي عن السّجّاد عليه السلام إنّه لّما سمع مقالتهم استرجع واستعبر وذكر ما أوحى الله إليه من الاستعداد للبلاءِ وأذعن للبلوى يعني بسبب غفلته عن اطعامه الجار الجائع فقال لهم بل سوّلت لكم أنفسكم أمراً وما كان الله ليطعِم لحم يوسف للذئب من قبل أن أرى تأويل رؤياه الصادقة.
{ (18) وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ } رفقة يسيرون فنزلوا قريباً من الجُبّ { فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ } الذي يرد الماءَ ويستسقي لهم { فَأَدْلَى دَلْوَهُ } فأرسلها في الجبّ ليملأها فتدلّى بها يوسف فلّما رآه { قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلاَمٌ } بشر نفسه أو قومه وقرىء يا بشراي بالإضافة { وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً } أخفوه متاعاً لِلتّجارة أي الوارد وأصحابه من ساير الرفقة أو أخوة يوسف من الرّفقة جميعاً { وَاللهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ } لم يخف عليه اسرارهم.
{ (19) وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ } مبخوسٍ ناقصٍ { دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ } قليلة كانوا يزنون الكثير ويعدّوُن القليل و{ وَكَانُوا فِيهِ } في يوسف { مِنَ الزَّاهِدِينَ } الراغبين عنه.
العياشي عن الصادق عليه السلام كانت عشرين درهماً والقميّ والعياشي عن الرضا عليه السلام مثله، وزاد البخس النقص وهي قيمة كلب الصّيد اذا قتل.
وفي المجمع عن الصادق عليه السلام كانت ثمانية عشر درهماً والقميّ مثله.
وفي العِلل والعياشي عن السّجّاد عليه السلام أنّهم لّما أصبحُوا قالوا انطلقوا بنا حتى ننظر ما حال يوسف أمات أم هو حيّ فلما انتهوا إلى الجبّ وجدوا بحضرة الجبّ سيّارة وقد أرسلوا واردهم وأدلى دلوه فلما جذب دلوه فاذا هو بغلام متعلّق بدلوه فقال لأصحابه يا بشرى هذا غلام فلّما أخرجوه أقبل إليهم اخوة يوسف فقالوا هذا عبدنا سقط منّا أمس في هذا الجبّ وجئنَا اليوم لنخرجه فانتزعوه من أيديهم وتنحّوا به ناحية فقالوا أمّا أن تقرّ لنا أنّك عبدنا فنبيعك بعض هذه السّيارة أو نقتلك فقال لهم يوسف لا تقتلوني واصنعوا ما شئتم فأقبلوا به إلى السيارة فقالوا منكم من يشتري منّا هذا الغلام فاشتراه رجل منهم بعشرين درهماً وكان اخوته فيه من الزاهِدين.
في الكافي والقميّ عن الصادق عليه السلام لمّا طرح أخوة يوسف يوسف في الجبّ أتاه جبرئيل فدخل عليه فقال يا غلام ما تصنع هيهنا فقال إنّ اخوتي ألقوني في الجبّ قال افتحبّ أن تخرج منه قال ذالك الى الله عزّ وجلّ إن شاء أخرجني قال فقال له إنّ الله يقول لك ادعني بهذا الدّعاءِ حتى أخرجك من الجبّ فقال له وما الدعاءُ قال قل اللهم إنّي أسألك بأنّ لك الحمد لا إله إلاّ أنت المنّان بديع السموات والأرض ذو الجلال والاكرام أن تصلِّي على محمدّ وآل محمد وان تجعل لي ممّا أنا فيه فرجاً ومخرجاً. وزاد القمي وارزقني من حيث احتسب ومن حيث لا احتسب فدعا ربه فجعل له من الجب فرجاً ومن كيد المرأة مخرجاً وآتاه مُلك مصر من حيث لا يحتسب.
وفي المجمع والعياشي ما في معناه.
وفي المجالس عنه عليه السلام أنّه سئل ما كان دعاء يوسف في الجبّ فانا قد اختلفنا فيه فقال انّ يوسف لمّا صار في الجبّ وأيس من الحياة قال اللهم إن كانت الخطايا والذنوب قد اخلقت وجهي عندك فلن ترفع لي إليك صوتاً ولن تستجيب لي دعوةً فانّي أسألك بحقّ الشيخ يعقوب عليه السلام فارحم ضعفه اجمع بيني وبينه فقد علمت رأفته علي وشوقي إليه.
القميّ فحملوا يوسف إلى مصر وباعوه من عزيز مصر.
وفي العلل عن السّجّاد عليه السلام أنّه سئل كم كان بين منزل يعقوب يومئذ وبين مصر فقال مسيرة اثني عشر يوماً.
وفي الكافي والإِكمال عن الصادق عليه السلام في حديث يذكر فيه يوسف وكان بينه وبين والده مسيرة ثمانية عشر يوماً قال ولقد سار يعقوب وولده عند البشارة مسيرة تسعة أيام من بدوهم إلى مصر.