خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ ٱلنَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٣٦
رَّبَّنَآ إِنَّيۤ أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ ٱلْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ فَٱجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ ٱلنَّاسِ تَهْوِىۤ إِلَيْهِمْ وَٱرْزُقْهُمْ مِّنَ ٱلثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ
٣٧
-إبراهيم

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (36) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ } صرن سبباً لاضلالهم كقوله وغرّتهم الحياةُ الدنيا { فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ }.
العياشي عن الصادق عليه السلام من اتّقى الله منكم وأصلح فهو منا أهل البيت قيل منكم أهل البيت قال منّا أهل البيت قال فيها إبراهيم فمن تبعني فانه منّي.
وعن الباقر عليه السلام ومن أحبّنا فهو منّا أهل البيت قيل منكم قال منّا والله أما سمعت قول إبراهيم فمن تبعني فانّه منّي.
وعن الصادق عليه السلام ومن عصاني فانّك غفور رحيم قال تقدر ان تغفر له وترحمه.
{ (37) رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي } بعض ولدي وهو إسماعيل ومن ولد منه.
العياشي عن الباقر عليه السلام نحن هم ونحن بقيّة تلك الذّريّة والعياشي والقميّ عنه عليه السلام نحن والله بقيّة تلك العترة.
وزاد في المجمع وكانت دعوة إبراهيم عليه السلام لنا خاصّة { بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ } يعني وادي مكّة { عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ } الذي حرّمتَ التعرض له والتهاون به { رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ } بعضهم.
العياشي عن الباقر عليه السلام أما أنّه لم يعن الناس كلّهم أنتم أولئك ونظراؤكم إنّما مثلكم في الناس مثل الشّعرة البيضاء في الثور الأسود ومثل الشعرة السوداء في الثور الأبيض ينبغي للناس أن يحجّوا هذا البيت ويعظموه لتعظيم الله إيّاه وان تلقونا حيث كنّا نحن لأدلاء على الله { تَهْوِي إِلَيْهِمْ } تسرع إليهم شوقاً ووداداً وقرء بفتح الواو ونسبها في الجوامع إلى أهل البيت عليهم السلام من هَويَ كرضي إذا أحبّ وتَعْدِيته بالى لتضمِين معنى النزوع.
في الكافي عن الباقر عليه السلام ولم يعن البيت فيقول إليه فنحن والله دعوة إبراهيم عليه السلام.
وفي الإِحتِجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام والأفئدة من الناس تهوي إلينا وذلك دعوة إبراهيم عليه السلام حيث قال واجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم.
وفي البصاير عن الصادق عليه السلام في حديث واجعل أفئدة من الناسِ تهوي إلينا { وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ } تلك النعمة فأجاب الله دعوته فجعله حرماً آمناً يحيى إليه ثمرات كل شيء.
والقمي عن الصادق عليه السلام يعني من ثمرات القلوب أي حبَّبهم إلى الناس ليأتوا إليهم ويعودوا.
في الغوالي عنه عليه السلام هو ثمرات القلوب.
وعن الباقر عليه السلام أنّ الثمرات تحمل إليهِم من الآفاق وقد استجاب الله له حتى لا يوجد في بلاد الشرق والغرب ثمرة لا توجد فيها حتى حكي أنّه يوجد فيها في يوم واحد فواكه ربيعيّة وصيفيّة وخريفيّة وشتائيّة.
وفي العلل عن الرضا عليه السلام حديث آخر سبق في سورة البقرة عند قوله وارزق أهله من الثمرات.
القميّ عن الصادق عليه السلام أنّ ابراهيم عليه السلام كان نازلاً في بادية الشام فلما ولد له من هاجر إسماعيل اغتمّت سارة من ذلك غمّاً شديداً لأنّه لم يكن منها ولد وكانت تؤذي إبراهيم عليه السلام في هاجر وتغمّه فشكا إبراهيم عليه السلام ذلك إلى الله عزّ وجلّ فأوحى الله إليه إنّما مثل المرأة مثل الضّلع العوجاء إن تركتها استمتعت بها وان أقمتها كسرتها ثم أمره أن يخرج إسماعيل وأمّه عنها فقال يا ربّ إلى أيّ مكان قال إلى حَرَمي وأمني وأوّل بقعة خلقتها من الأرض وهي مكّة فأنزل الله عليه جبرئيل بالبراق فحمل هاجر وإسماعيل وإبراهيم عليه السلام وكان إبراهيم عليه السلام لا يمّر بموضع حسن فيه شجر ونخل وزرع إلاّ وقال يا جبرئيل إلى هاهنا إلى هاهنا فيقول جبرئيل لا اِمضِ امضِ حتى وافى مكّة فوضعه في موضع البيت وقد كان إبراهيم عليه السلام عاهد سارة أن لا ينزل حتى يرجع إليها فلما نزلوا في ذلك المكان كان فيها شجر فأَلقت هاجر على ذلك الشجر كساء كان معها فاستظلوا تحته فلما سرّحهم إبراهيم ووضعهم وأراد الانصراف إلى سارة قالت له هاجر يا إبراهيم لم تَدَعنا في موضع ليس فيه أنيس ولا ماء ولا زرع فقال إبراهيم عليه السلام الله الذي أمرني أن أضعكم في هذا المكان حاضر عليكم ثم انصرف عنهم فلما بلغ كدا وهو جبل بذي طوى التفت إليهم إبراهيم عليه السلام فقال عليه السلام ربّنا إنّي أسكنت من ذّرّيتي الآية ثم مضى وبقيت هاجر فلما ارتفع النهار عطش اسماعيل وطلب الماء فقامت هاجر في الوادي في موضع السعي فنادت هل في الوادي من أنيس فغاب إسماعيل عليه السلام عنها فصعدت على الصفاء ولمع لها السراب في الوادي وظنّت أنّه ماء فنزلت في بطن الوادي وسعت فلما بلغت السعي غاب عنها إسماعيل ثم لمع لها السراب في ناحية الصفا فهبطت إلى الوادي تطلب الماء فلما غاب عنها إسماعيل عادت حتى بلغت الصفا فنظرت حتى فعلت ذلك سبع مرات فلما كان في الشّوط السابع وهي على المروة نظرت إلى إسماعيل وقد ظهر الماء من تحت رجله فعدت حتى جمعت حوله رملاً فانّه كان سائلاً فزمته بما جعلته حوله فلذلك سمّيت زمرم وكان جرهم نازلة بذي المجاز وعرفات فلمَّا ظهر الماء بمكة عكفت الطير والوحش على الماءِ فنظرت جرهم على تعكف الطير في ذلك المكان واتبعوها حتى نظروا إلى امرأة وصبيّ نازلين في ذلك الموضع قد استظلاّ بشجرة وقد ظهرالماء لهما فقالوا لهاجر من أنت وما شأنك وشأن هذا الصّبيّ قالت أنا أمّ ولد إبراهيم خليل الرّحمن وهذا ابنه أمره الله أن ينزلنا هاهنا فقالوا لها فتأذنين أن نكون بالقرب منكم فلما زارهم إبراهيم عليه السلام يوم الثالث قالت هاجر يا خليل الرحمن ان هاهنا قوماً من جرهم يسألونك أن تأذن لهم حتى يكونوا بالقرب منّا افتأذن لهم في ذلك فقال إبراهيم عليه السلام نعم فأذنت هاجر لجرهم فنزلوا بالقرب منهم وضربوا خيامهم فأنست هاجر واسماعيل بهِم فلما رآهم إبراهيم عليه السلام في المرة الثالثة نظَر إلى كثرة الناس حولهم فسّر بذلك سروراً شديداً الحديث وقد مضى تمامه في سورة البقرة.
والعياشي عن الكاظم عليه السلام أنّ إبراهيم عليه السلام لما أسكن اسماعيل وهاجر مكة وَوَدَعَهما لينصرف عنهما بكيا فقال ابراهيم عليه السلام ما يبكيكما فقد خلفتكما في أحبّ الأرض إلى الله وفي حرم الله فقالت له هاجر يا إبراهيم ما كنت أرى نبيّاً مثلك يفعل ما فعلت قال وما فعلت قالت إنّك خلّفت امرأة ضعيفة وغلاماً ضعيفاً لا حيلة لهما بلا أنيس من بشر ولا ماء يظهر ولا زرع قد بلغ ولا ضرع يحلب قال فرقَّ إبراهيم ودمعت عيناه عندما سمع منها فأقبل حتى انتهى إلى باب بيت الله الحرام فأخذ بعضادتي الكعبة ثم قال اللّهمّ إنّي أسكنت من ذرّيتي الآية قال فأوحة الله إلى ابراهيم عليه السلام أن اصعد أبا قبيس فناد في الناس يا معشر الخلايق إنّ الله يأمركم بحجّ هذا البيت الذي بمكّة محرّماً من استطاع إليه سبيلاً فريضة من الله فمدّ الله لإِبراهيم عليه السلام في صوته حتى اسمع به أهل المشرق والمغرب وما بينهما من جميع ما قدر الله وقضى في أصلاب الرجال من النّطف وجميع ما قدر الله وقضى في أرحام النساء إلى يوم القيامة فهناك وجب الحجّ على جميع الخلايق والتلبية من الحاجّ في أيّام الحجّ هي إجابة لنداءِ إبراهيم عليه السلام يومئِذ بالحجّ.
وفي الكافي والعياشي عن الباقر عليه السلام أنه نظر إلى الناسِ يطوفون حول الكعبة فقال هكذا كانوا يطوفون في الجاهلية إنّما أمروا أن يطّوّفوا بها ثم ينفروا إلينا فيعلمونا ولايتنا ومودّتهم ويعرضوا علينا نصرتهم ثم قرأ هذه الآية واجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم.
وزاد العياشي فقال آل محمد آل محمد صلوات الله عليهم ثم قال إلينا إلينا.