خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

كُلاًّ نُّمِدُّ هَـٰؤُلاۤءِ وَهَـٰؤُلاۤءِ مِنْ عَطَآءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً
٢٠
ٱنظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً
٢١
لاَّ تَجْعَل مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَّخْذُولاً
٢٢
وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ ٱلْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً
٢٣
وَٱخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ ٱلذُّلِّ مِنَ ٱلرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ٱرْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً
٢٤
-الإسراء

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (20) كُلاًّ نُمِدُّ هَؤلآءِ وَهؤُلآءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ } كل واحد منْ الفريقين نتفضل عليه بالعطاءِ مرّة بعد أخرى نجعل الآنف منه مدداً للسالف لا نقطعه فنرزق المطيع والعاصي جميعاً { وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً } ممنوعاً لا يمنع العاصي لعصيانه.
{ (21) انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ } في الدنيا { وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأكْبَرُ تَفْضِيلاً } أي التفاوت في الآخرة أكثر.
في المجمع روي أنّ ما بين أعلى درجات الجنة وأسفلها مثل ما بين السماءِ والأرض.
والعياشي عن الصادق عليه السلام لا تقولنّ الجنة واحدة إِنّ الله يقول ومن دونهما جنّتان ولا تقولنّ درجة واحدة إنّ الله يقول درجات بعضها فوق بعض إنّما تفاضل القوم بالأعمال قيل له إنّ المؤمنَينْ يدخلان الجنّة فيكون أحدهما أرفع مكاناً من الآخر فيشتهي أن يلقى صاحبة قال من كان فوقه فله أن يهبط ومن كان تحته لم يكن له أن يصعد لأنّه لم يبلغ ذلك المكان ولكنّهم إذا أحبّوا ذلك واستهووه التقوا على الأسرّة وعن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم
"إنّما يرتفع العباد غداً في الدرجات وينالون الزلّفى من ربهّم على قدر عقولهم" .
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام إِنّ الثواب على قدر العقل.
{ (22) لاَ تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إلهاً آخَرَ } الخطاب لكل واحد أو للرّسُول والمراد به أمّته كما قاله القمّي { فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولاً } يعني إذا فعلت ذلك بقيت ما عشت مذموماً على ألسنة العقلاءِ مخذولاً لا ناصر لك وإنّما عبّر عن ذلك بالقعود لأنّ في القعود معنى الذلّ والعجز والهوان يقال قعد به الضّعف.
{ (23) وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إلاَّ إِيَّاهُ } وأمر أمراً مقطوعاً به بأن لا تعبدوا إلاّ إيّاه لأنّ غاية التعظيم لا يحقّ إلاّ لمن له غاية العظمة ونهاية الأنعام ويجوز أن يكون أن مفسّرة ولا ناهية ويأتي فيه حديث بعد ثماني عشرة آية { وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً } أن نحسنُوا أو أحسنوا بالوالدين إحساناً لأنّهمَا السّببَ الظاهِرُ للوجود والتعّيش { إِمَّا يَبْلُغَنَّ } إمَّا إِن الشّرطية زيدت عليها ما للتأكيد ولهذا صحّ لُحوق النّون { عِندَكَ الْكِبَرَ } في كنفك وكفالتكَ { أحَدُهُمَا أوْ كِلاَهُما فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ } إن أضجراك { وَلاَ تَنْهَرْهُمَا } ولا تزجرهما.
القمّي أي لا تخاصمهما { وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً } حسناً جميلاً.
{ (24) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ } جناحك الذّليل أو جعل الذُّل جناحاً للمبالغة أي تذلّل لهما وتواضع { مِنَ الرَّحْمَةِ } من فرط رحمتك عليهما لافتقارهما إلى من كان أفقر خلق الله إليهما { وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا } وادع الله أن يرحمهما برحمتِه الباقية ولا تكتف برحمتك الفانية { كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً } جزاء لرحمتهما عليّ وتربيتهما وارشادهما لي في صغري.
في الكافي والعياشي عن الصادق عليه السلام أنّه سئل ما هذا الاحسان فقال أن تحسن صحبتهما وان لا تكلّفهما أن يسألاك شيئاً وإن كانا مستغنيين أليس الله يقول لَنْ تَنَالوا البّر حتّى تنفقوا ممّا تحبّون فلا تقل لهما أفّ ولا تنهرهما قال إن أضجراك فلا تقل لهما أفّ ولا تنهرهما إن ضرباك وقل لهما قولاً كريماً قال إن ضرباك فقل لهما غفر الله لكما فذلك منك قول كريم واخفض لهما جَناح الذل من الرّحمة قال لا تملأ عينيك من النظر إليهما إلاّ برحمة ورقّة ولا ترفع صوتك فوق أصواتهما ولا يدك فوق أيديهِما ولا تقدم قدامهما.
وعنه عليه السلام لو علم الله شيئاً أدنى من أفّ لنهى عنه وهو من أدنى العقوق.
وزاد في الكافي ومن العقوق أن ينظر الرّجل إلى والديه فيحدّ النظر إليهما.
وعن الكاظم عليه السلام سأل رجل رسول الله صلىَّ الله عليه وآله وسلم
"ما حقّ الوالد على ولده قال لا يسميّه باسمه ولا يمشي بين يديه ولا يجلس قبله ولا يستسبّ له " .
وفي الجوامع أنّ النّبيّ صلىَّ الله عليه وآله وسلم قال "رغم أنفه ثلاث مرات قالوا من يا رسول الله قال من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كلاهما ولم يدخل الجنّة" .
وعن حذيفة "أنّه استأذن رسول الله صلىَّ الله عليه وآله وسلم في قتل أبيه وهو في صفّ المشركين قال دعه يَلِهِ غيرك" .