خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ ٱلَّذِي أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً
٧٣
وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً
٧٤
إِذاً لأذَقْنَاكَ ضِعْفَ ٱلْحَيَاةِ وَضِعْفَ ٱلْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً
٧٥
وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ ٱلأَرْضِ لِيُخْرِجوكَ مِنْهَا وَإِذاً لاَّ يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً
٧٦
سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً
٧٧
أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ ٱلَّيلِ وَقُرْآنَ ٱلْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ ٱلْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً
٧٨
-الإسراء

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (73) وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ } قاربوا بمبالغتهم أن يوقعوك في الفتنة بالإستنزال { عَنِ الَّذِي أوْحَيْنَا إلَيْكَ } أي عن حكمه { لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ } غير ما أوحينا إليك.
القمّي قال يعني في أمير المؤمنين عَليه السلام.
والعياشي ما في معناه في الآية الآتية { وَإذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً } ولو اتبعت مرادهم لأظهروا خلّتك.
القمّي يعني لاتخّذوك صديقاً لو أقمت غيره.
{ (74) وَلَوْلاَ أن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً } لقاربت أن تميل إلى اتباع مرادهم.
العياشي عن الصادق عليه السلام أنّه سئل عن هذه الآية فقال لما كان يوم الفتح أخرج رسول الله صلىَّ الله عليه وآله وسلم أصناماً من المسجد وكان منها صنم على المروة وطلبت إليه قريش أن يتركه وكان مسخاً فهمّ بتركه ثم أمر بكسره فنزلت.
وفي المجمع قيل لمّا نزلت هذه الآية قال النّبيّ صلىَّ الله عليه وآله وسلم
"اللّهمّ لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبداً" .
{ (75) إِذاً لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ } قيل أي عَذاب النار وعذاب الآخِرة ضعف ما يعذّب به في الدارين بمثل هذا الفعل غيرك لأنّ خطأ الخطير أخطر وكان أصل الكلام عذاباً ضعفاً في الحياة وعذاباً ضعفاً في الممات يعني مضاعفاً فأقيمت الصفة مقام الموصوف وأضيفت كما يضاف موصوفها { ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً } يدفع عنك.
في العيون عن الرضا عليه السلام في حديث المأمون في عصمة الأنبياء حيث سأله عن قوله عفا الله عنك لِمَ أذنت لهم قال هذا ممّا نزل بإيّاك أعني واسمعي يا جارة خاطب الله تعالى بذلك نبّيه والمراد به أمّته وذلك قوله
{ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ } وقوله تعالى { وَلَوْلاَ أن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً }.
وفي الكافي والعياشي عن الصادق عليه السلام ما عاتب الله نبيّه فهو يعني به من قد مضى في القرآن مثل قوله ولولا أن ثبّتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً عنى بذلك غيره.
وفي الاحتجاج عَن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث الزّنّديق الذي سأله عن أشياءَ من القرآن وكانَ في جملة ما سأل عنه عليه السلام هذه الآية وأمّا ما ذكرته من الخطاب الدّالّ على تهجين النّبيّ صلىَّ الله عليه وآله وسلم الإِزراء به والتأنيب له مع ما أظهره الله تعالى من تفضيله إيّاه على سائر أنبيائه فانّ الله جعل لكلّ نبيّ عدّواً من المشركين ثم ذكر عليه السلام مساعي أعدائه في تغيير ملّته وتحريف كتابه الذي جاء به واسقاط ما فيه من فضلِ ذوي الفضل وكفر ذوي الكفر منه وتركهم منه ما قدروا أنّه لهم وهو عليهم وزيادتهم فيه ما ظهر به تناكره وتنافره ثم قال والذي بدأ في الكتاب من الإِزراء على النّبيّ صلىَّ الله عليه وآله وسلم من فرية الملحدين وقد مضى هذا الحديث على وجهه وبيان الحديث السابق عليه المرويّ من الكافي والعياشي في المقدمة السادسِة من هذا الكتاب مع ما هو التحقيق في هذا الباب.
{ (76) وَإِن كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ } ليزعجونكَ بمعاداتهم { مِنَ الأَرْضِ }.
القمّي يعني أهل مكة { لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذاً لاَّ يَلْبَثُونَ خِلاَفَكَ إلاَّ قَلِيلاً } يعني لو خرجت لا يبقون بعد خروجك إلا زماناً قليلاً.
القمّي يعني حتى قتلوا ببدر قيل وكان ذلك بعد الهجرة بسنة وقرىء خلفك.
{ (77) سُنَّةَ مَن قَدْ أرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا } أي سنّ الله ذلك سنّة وهو أن يهلك كلّ أمّة أخرجوا رسولهم من بين أظهرهم { وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً } تغييراً.
{ (78) أقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ } لزوالها { إلى غَسَقِ اللَّيْلِ } إلى ظلمته وهي انتصافه { وَقُرْآنَ الْفَجْرِ } صلاته { إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً } بملائكتي الليل والنهار.
وفي الكافي والفقيه والتهذيب والعياشي عن الباقر عليه السلام أنّه سئل عمّا فرض الله من الصلاة فقال خمس صلوات في الليل والنهار فقيل هل سماّهنّ وبيّنهنّ في كتابه فقال نعم قال الله تعالى لنبيّه أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل ودلوكها زوالها ففيما بين دلوك الشمس إلى غسق الليل أربع صلوات سمّاهنّ الله وبيّنهنّ ووقتهنّ وغسق الليل انتصافه ثم قال وقرآن الفجْر انّ قرآن الفجر كان مشهوداً فهذه الخامسة.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام أنّه سئل عن أفضل المواقيت في صلاة الفجر فقال مع طلوع الفجرِ إنّ الله يقول وقرآن الفجر إنّ قرآن الفجر كان مشهُوداً يعني صلاة الفجر يشهدها ملائكة الليل ومَلائكة النهار فاذا صلى العبد الصبح مع طلوع الفجر أثبتت له مرّتين أثبتها له ملائكة الليل وملائكة النهار.
والعياشي عنهما عليهما السلام في هذه الآية قال جمعت الصلاة كلّهنّ ودلوك الشمس زوالها وغسق الليل انتصافه.
وقال إِنّه ينادي مناد من السماءِ كل ليلة إذا انتصف الليل من رقد عن صلاة العشاء إلى هذه الساعة فلا نامت عيناه وقرآن الفجر قال صلاة الصبح وأمّا قوله كان مشهوداً قال تحضره ملائكة الليل والنهار وفي معنى هذه الأخبار أخبار كثيرة.