خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذٰلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً
٦٤
رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَٱعْبُدْهُ وَٱصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً
٦٥
وَيَقُولُ ٱلإِنسَانُ أَءِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً
٦٦
أَوَلاَ يَذْكُرُ ٱلإِنسَٰنُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً
٦٧
فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَٱلشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً
٦٨
ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ عِتِيّاً
٦٩
ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِٱلَّذِينَ هُمْ أَوْلَىٰ بِهَا صِلِيّاً
٧٠
وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً
٧١
ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّنَذَرُ ٱلظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً
٧٢
-مريم

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (64) وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاّ بِأَمْرِ رَبِّكَ } حكاية قول جبرئيل.
في المجمع عن النبي صلّى الله عليه وآله انه قال لجبرئيل ما منعك ان تزورنا فنزلت { لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ } وهو ما نحن فيه من الاماكن والاحانين لا ننتقل من مكان الى مكان ولا ننزّل في زمان دون زمان الاّ بأمره ومشيّته { وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً } تاركاً لك.
في التّوحيد عن امير المؤمنين عليه السلام في هذه الآية فانّ ربّنا تبارك وتعالى علوّاً كبيراً ليس بالذي ينسى ولا يغفل بل هو اللطيف الحفيظ العليم.
{ (65) رَبُّ السَّمَاواتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا } بيان لا متناع النّسيان عليه { فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ } خطاب للرّسول مرتّب عليه { هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً }
في التّوحيد عن امير المؤمنين عليه السلام تأويله هل تعلم احداً اسمه الله غير الله.
{ (66) وَيَقُولُ الإِنسانُ أَءِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً } لما كانت هذه المقالة موجودة في جنسهم اسند الى الجنس.
وروي انّ ابي بن خلف اخذ عظاماً باليه ففتّها وقال يزعم محمد صلّى الله عليه وآله انّا نبعث بعد ما نموت.
{ (67) أَوَلاَ يَذْكُرُ الإِنسَانُ } وقرىء يذّكر من الذّكر الّّذي يراد به التفكّر { أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ } اي قدّرناه في العلم حيث كان لله ولم يكن معه شيء { وَلَمْ يَكُ شَيْئاً } بل كان عدماً صرفاً.
في الكافي عن الصادق عليه السلام قال لا مقدّراً ولا مكوّنا.
وفي المحاسن عنه عليه السلام قال لم يكن شيئاً في كتاب ولا علم.
والقمّي اي لم يكن ثمّة ذكره.
{ (68) فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ } عطف او مفعول معه لما روي انّ الكفرة يحشرون مع قرنائهم من الشياطين الّذين اغووهم كلّ مع شيطانه في سلسلة { ثُمَّ لَنُحضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً }
القمّي قال على ركبهم.
أقول: وهذا كما يكون المعتاد في مواقف التقاول وهو كقوله تعالى
{ { وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً } [الجاثية: 28].
{ (69) ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ } من كلّ امّة شاعت دينا اي تبعت { أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيّاً } من كان اَعصى واعتى منهم فنطرحهم فيها.
{ (70) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيّاً } اولى بالصّلي.
{ (71) وَإِن مِنكُمْ إِلاّ وَارِدُهَا }
القمّي عن الصادق عليه السلام قال اما تسمع الرّجل يقول وردنا ماء بني فلان فهو الورود ولم يدخل { كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً } كان ورودهم واجباً اوجبه الله على نفسه وقضى به.
{ (72) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا } فيساقون الى الجنّة وقرىء ننجي بالتخفيف { وَنَذَرُ الظّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً } على هيئتهم كما كانوا.
في المجمع عن النبيّ صلى الله عليه وآله قال
"يرد النّاس النّار ثم يصدرون بأعمالهم فأوّلهم كلمع البرق ثم كمرّ الرّيح ثم كحضر الفرس ثم كالكرّاكب ثم كشدّ الرّحل ثمّ كمشيه" .
وعنه صلّى الله عليه وآله "الورود الدّخول لا يبقى برّ ولا فاجر الاّ يدخلها فيكون على المؤمنين برداً وسلاماً كما كانت على ابراهيم (ع) حتّى انّ للنّار او قال لجهنّم ضجيجاً من بَردها ثم يُنجي الله الَّذين اتَّقوا ويذرُ الظالمين فيها جثيّا"
وعنه صلّى الله عليه وآله "تقول النّار للمؤمن يوم القيامة جزيا مؤمن فقد اطفأ نورك لهبي" .
وفي رواية انّ الله تعالى يجعل النّار كالسّمن الجامد ويجتمع عليها الخلق ثم ينادي المنادي ان خذي اصحابك وذري اصحابي قال والّذي نفسي بيده لهي اَعرف باصحابه من الوالدة بولدها.
قيل الفائدة في ذلك ما روي في بعض الاخبار انّ الله لا يدخل احداً الجنّة حتى يطلعه على النّار وما فيها من العذاب ليعلم تمام فضل الله عليه وكمال لطفه واحسانه اليه فيزداد لذلك فرحاً وسروراً بالجنّة ونعيمها ولا يدخل احد النار حتى يطلعه على الجنّة وما فيها من انواع النعيم والثواب ليكون ذلك زيادة عقوبة له وحسرة على ما فاته من الجنّة ونعيمها
قال وقد ورد في الخبر
"انّ الحمّى من فيح جهنّم" .
وروي "انّ رسول الله صلّى الله عليه وآله عاد مريضاً فقالابشر انّ الله عزّ وجلّ يقول هي ناري اسلّطها على عبدي المؤمن في الدنيا ليكون حظه من النّار" .
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام الحمّى رايد الموت وهي سجن المؤمن في الارض وهي حظّ المؤمن من النّار.
وعنه عليه السلام قال قال رسول الله صلّى الله عليه وآله
"الحمّى رائد الموت وسجن الله تعالى في ارضه وفورها من جهنّم وهي حظّ كل مؤمن من النار"
وفي الاعتقادات روي انّه لا يصيب أحداً من اهل التوحيد الم في النار اذا دخلوها وانّما يصيبهم الالم عند الخروج منها فتكون تلك الآلام جزاء بما كَسبت ايديهم ومَا الله بظَلاّمٍ للعبيد انتهى.
وروي عن النّبي صلّى الله عليه وآله انّه سئل عن هذه الآية فقال
"اذا دخل أهل الجنّة الجنّة قال بعضهم لبعض أليس قد وعدنا ربّنا أن نرد النار فقال لهم قد وردتموها وهي خامدة" قيل وامّا قوله تعالى فاولئك عنها مُبعَدون فالمراد من عذابها.
وقيل ورودها الجواز على الصّراط فانّها ممدود عليها.
أقول: والكل صحيح ولا تنافي بينهما عند اولي الالباب.