{ (209) فَإِنْ زَلَلْتُمْ } عن الدخول في السلم { مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ } الحجج
والشواهد على أن ما دعيتم إليه حق { فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ } غالب لا يعجزه الانتقام
منكم { حَكِيمٌ } لا ينتقم الا بالحق.
{ (210) هَلْ يَنْظُرُونَ إلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللهُ } أي يأتيهم أمر الله أو بأسه { فِي ظُلَلٍ } جمع
ظلة وهي ما أظلك { مِنَ الْغَمَامِ } من السحاب الأبيض الذي هو مظنّه الرحمة فإذا جاء
منه العذاب كان أصعب { وَالْمَلاَئِكَةُ } ويأتي الملائكة إن قرئ بالرفع وبهم ان قرئ
بالجرّ.
وفي العيون والتوحيد عن الرضا عليه السلام الا أن يأتيهم الله بالملائكة في
ظل من الغمام قال وهكذا نزلت { وَقُضِيَ الأَمْرُ } واتم أمر اهلاكهم وفرغ منه { وَإِلَى اللهِ
تُرْجَعُ الأُمُورُ } وقرئ بفتح التاء وكسر الجيم حيث وقع.
وفي تفسير الإمام عليه السلام أي هل ينظر هؤلاء المكذّبون بعد إيضاحنا لهم
الآيات وقطعنا معاذيرهم بالمعجزات إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام وتأتيهم
الملائكة كما كانوا اقترحوا عليك اقتراحهم المحال في الدنيا في إتيان الله الذي لا
يجوز عليه الاتيان واقتراحهم الباطل في إتيان الملائكة الذين لا يأتون إلا مع زوال
هذا التعبد لأنه وقت مجيء الأملاك بالإهلاك فهم في اقتراحهم مجيء الأملاك
جاهلون وقضي الأمر أي هل ينظرون مجيء الملائكة فإذا جاؤوا وكان ذلك قضي
الأمر بهلاكهم.
القمّي عن الباقر عليه السلام قال ان الله إذا بدا له أن يُبين خلقه ويجمعهم لما
لا بد منه أمر منادياً ينادي فاجتمع الإنس والجن في اسرع من طرفة العين ثم اذن
للسماء الدنيا فتنزل وكان من وراء الناس واذن للسماء الثانية فتنزل وهي ضِعْف التي
تليها فإذا رآها أهل السماء الدنيا قالوا جاء ربنا قالوا لا وهو آتٍ يعني أمره حتى ينزل
كل سماء يكون كل واحدة منها من وراء الأخرى وهي ضعف التي تليها ثم ينزل أمر
الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر وإلى ربكم ترجع الأمور ثم يأمر منادياً
ينادي يا معشر الجن والإنس ان استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض
فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان.
والعياشي عنه عليه السلام في هذه الآية قال ينزل في سبع قباب من نور ولا
يعلم في أيها هو حين ينزل في ظهر الكوفة فهذا حين ينزل، وفي رواية أخرى عنه
عليه السلام قال كأني بقائم أهل بيتي قد علا نجفكم نشر راية رسول الله صلّى الله
عليه وآله وسلم فإذا نشرها انحطت عليه ملائكة بدر، وقال انه نازل في قباب من نور
حين ينزل بظهر الكوفة على الفاروق فهذا حين ينزل وأما قضي الأمر فهو الوسم على
الخرطوم يوم يوسم الكافر.
أقول: لعل المراد أنه ينزل على أمر يفرق به بين المؤمن والكافر وان المعني
بقضاء الأمر امتياز احدهما عن الآخر بوسمه على خرطوم الكافر وذلك في الرجعة.