خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ نَجَّيْنَٰكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ وَفِي ذَٰلِكُمْ بَلاۤءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ
٤٩
وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ ٱلْبَحْرَ فَأَنجَيْنَٰكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ
٥٠
-البقرة

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (49) وَإِذْ نَجّيْناكم } واذكروا إذ انجينا أسلافكم.
أقول: هذا تفصيل لما أجمله في قوله واذكروا نعمتي { مِنْ آلِ فِرْعَونَ } وهم الذين كانوا يدنون إليه بقرابته وبدينه ومذهبه { يَسُوْمُونَكُمْ } كانوا يعذّبونكم.
أقول: يعني يكلّفونكم العذاب من سامه الأمر كلّفه إيّاه وأكثر ما يستعمل في العذاب والشر. { سُوءَ الْعَذابِ } شدّة العذاب وكان من عذابهم الشديد أنه كان فرعون يكلّفهم عمل البناء والطين ويخاف أن يهربوا عن العمل فأمر بتقييدهم وكانوا ينقلون ذلك الطين على السلاليم إلى السطوح فربما سقط الواحد منهم فمات أو زمن ولا يحفلون بهم إلى أن أوحى الله إلى موسى عليه السلام قل لهم لا يبتدئون عملاً إلا بالصلاة على محمد وآله الطّيبين فيخفف عليهم فكانوا يفعلون ذلك فيخفف عليهم { يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ } وذلك لما قيل لفرعون أنه يولد في بني إسرائيل مولود يكون على يده هلاكك وزوال ملكك فأمر بذبح أبنائهم { وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ } يبقونهن ويتخذونهن إماءً ثم قال ما ملخصه أنه: ربما يسلم أبناءهم من الذبح وينشئون في محل غامض بصلاتهم على محمد وآله الطّيبين وكذلك نساؤهم يسلمن من الافتراش بصلواتهم عليه وآله { وَفِي ذَلِكُمْ } وفي ذلك الإِنجاء منهم { بَلاَءٌ } نعمة { مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ } كبير قال الله تعالى: يا بني إسرائيل اذكروا إذ كان البلاء يصرف عن أسلافكم ويخفف بالصلاة على محمد وآله الطّيبين أفما تعلمون أنكم إذا شاهدتموهم فآمنتم بهم كانت النعمة عليكم أعظم وأفضل وفضل الله لديكم أجزل.
{ (50) وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمْ الْبَحْرَ } واذكروا إذ جعلنا ماء البحر فرقاً ينقطع بعضه من بعض { فَأنْجَيْنَاكُمْ } هناك { وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ } فرعون وقومه { وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ } إليهم وهم يغرقون وذلك أن موسى لما انتهى إلى البحر أوحى الله إليه قل لبني إسرائيل جددوا توحيدي واقرُّوا بقلوبكم ذكر محمد سيد عبيدي وإمائي واعيدوا على أنفسكم ولاية عليّ أخي محمد وآله الطيبين وقولوا اللهم جوزنا على متن هذا الماء فان الماء يتحول لكم أرضاً فقال لهم موسى ذلك فقالوا: تورد علينا ما نكرهه وهل فررنا من فرعون الا من خوف الموت وانت تقتحم بنا هذا الماء الغمر بهذه الكلمات وما يدرينا ما يحدث من هذه علينا. فقال لموسى كالب بن يوحنا وهو على دابة له وكان ذلك الخليج أربعة فراسخ يا نبي الله: الله أمرك بهذا أن نقوله وندخل قال: نعم. قال: وانت تأمرني به قال: بلى، فوقف وجدد علىنفسه من توحيد الله ونبوة محمد صلّى الله عليه وآله وسلم وولاية عليّ والطّيبين من آلهما ما أمره به ثم قال اللهم بجاههم جوّزني على متن هذا الماء ثم أقحم فرسه فركض ثم قال لبني إسرائيل: يا بني إسرائيل أطيعوا موسى فما هذا الدعاء إلا مفتاح أبواب الجنان ومغاليق ابواب النيران ومستنزل الأرزاق والجالب على عباد الله وإمائه رضاء الرحمن المهيمن الخلاق فأبوا وقالوا نحن لا نسير إلا على الأرض فأوحى الله إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر وقل اللهم صلّ على محمد وآله الطيبين لما فلقته ففعل فانفلق وظهرت الأرض إلى آخر الخليج فقال موسى ادخلوها قالوا: الأرض وحلة نخاف أن نرسب فيها فقال الله: يا موسى قل اللهم بحق محمد وآله الطيبين جفّفها فقالها فأرسل الله عليها ريح الصَّبا فجفّت وقال موسى: ادخلوها قالوا: يا نبي الله نحن إثنتا عشرة قبيلة بنو إثني عشر أباً فان دخلنا رام كل فريق منا تقدم صاحبه ولا نأمن وقوع الشر بيننا فلو كان لكل فريق منا طريق على حدة لآمنّا مما نخافه فأمر الله موسى أن يضرب البحر بعددهم إثنتي عشرة ضربة في إثني عشر موضعاً إلى جانب ذلك ويقول اللهم بجاه محمد وآله الطيبين بيّن لنا الأرض وامط الماء عنّا فصار فيه تمام إثني عشر طريقاً وجف قرار الأرض بريح الصبا فقال ادخلوها قالوا: كل فريق منا يدخل سكة من هذه السكك لا يدري ما يحدث على الآخرين فقال الله عز وجل فاضرب كل طود من الماء بين هذه السكك فضرب وقال اللهم بجاه محمد وآله الطيبين لما جعلت في هذه الماء طيقاناً واسعة يرى بعضهم بعضاً ثم دخلوها فلما بلغوا آخرها جاء فرعون وقومه فدخل بعضهم فلما دخل آخرهم وهمّ بالخروج أوّلهم أمر الله تعالى البحر فانطبق عليهم فغرقوا واصحاب موسى ينظرون إليهم قال الله عز وجل لبني إسرائيل في عهد محمد صلّى الله عليه وآله وسلم إذا كان الله فعل هذا كله بأسلافكم لكرامة محمد صلّى الله عليه وآله ودعاء موسى دعاء تقرب بهم فما تعقلون إن عليكم الإيمان بمحمد وآله صلّى الله عليهم إذ قد شاهدتموه الآن.