خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ
٨
يُخَادِعُونَ ٱللَّهَ وَٱلَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ
٩
-البقرة

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (8) وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ }.
أقول كابن أُبيّ وأصحابه وكالأول والثاني واضرابهما من المنافقين الذي زادوا على الكفر الموجب للختم والغشاوة والنفاق ولا سيما عند نصب أمير المؤمنين عليه السلام للخلافة والإمامة.
أقول: ويدخل فيه كل من ينافق في الدين إلى يوم القيامة وإن كان دونهم في النفاق كما قال الباقر عليه السلام في حكم بن عتيبة إنه من أهل هذه الآية.
وفي تفسير الإمام ما ملخصه أنه لما أمر الصحابة يوم الغدير بمبايعة أمير المؤمنين عليه السلام بإمرة المؤمنين وقام أبو بكر وعمر إلى تسعة من المهاجرين والأنصار فبايعوه بها ووكد عليهم بالعهود والمواثيق واتى عمر بالبخبخة وتفرقوا، تواطأ قوم من متمرديهم وجبابرتهم بينهم لئن كانت بمحمد صلّى الله عليه وآله وسلم كائنة ليدفعن هذا الأمر عن علي عليه السلام ولا يتركونه له وكانوا يأتون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويقولون: لقد أقمت علينا أحب الخلق إلى الله وإليك وكفيتنا به مؤنة الظلمة لنا والجائرين في سياستنا وعلم الله تعالى من قلوبهم خلاف ذلك وأنهم مقيمون على العداوة ودفع الحق عن مستحقيه فأخبر الله عنهم بهذه الآية.
{ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ }: بل تواطئوا على إهلاكك واهلاك من أحبك وتحبه إذا قدروا والتمرّد عن أحكام الله خصوصاً خلافة من استخلفه بأمر الله على أُمّتك من بعدك لجحودهم خلافته وإمارته عليهم حَسَداً وعتواً.
قيل: أخرج ذواتهم من عداد المؤمنين مبالغة في نفي الايمان عنهم راساً.
{ (9) يُخَادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا }: يخادعون رسول الله بإبدائهم له خلاف ما في جوانحهم.
أقول: وإنّما أضاف مخادعة الرسول إلى الله لأن مخادعته ترجع إلى مخادعة الله كما قال الله عز وجل:
{ { مَّنْ يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ ٱللَّهَ } [النساء: 80] وقال { { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ ٱللَّهَ } [الفتح: 10] وقال: { { وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ } [الأنفال: 17] ولك أن تقول معناه يعاملون الله معاملة المخادع كما يدل عليه ما رواه العياشي عن الصادق عليه السلام أن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم سُئل فيما النّجاة غداً؟ قال: "إنما النجاة ان لا تخادعوا الله فيخدعكم فان من يخادع الله يخدعه ويخلع منه الإيمان ونفسه يخدع لو يشعر. قيل له: وكيف يخادع الله؟ قال: يعمل ما أمره عز وجل ثم يريد به غيره فاتّقوا الله والرّياء فانّه شرك بالله" .
{ وَمَا يَخْدَعُونَ }: وما يضرّون بتلك الخديعة، وقُرِئ يُخادِعُونَ.
{ إلاَّ أَنْفُسَهٌمْ }: فإنّ الله غني عنهم وعن نصرتهم ولولا امهاله لهم لما قدروا على شيء من فجورهم وطغيانهم.
{ وَمَا يَشْعُرُونَ }: أن الأمر كان كذلك وأنّ الله يطلع نبيّه على نفاقهم وكذبهم وكفرهم ويأمره بلعنهم في لعنة الظالمين.