خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ
٦٧
قَالُواْ حَرِّقُوهُ وَٱنصُرُوۤاْ آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ
٦٨
قُلْنَا يٰنَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَٰماً عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ
٦٩
وَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ ٱلأَخْسَرِينَ
٧٠
وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ
٧١
-الأنبياء

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (67) أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ } تضجّر منه على اصرارهم بالباطل البيّن وافّ صوت المتضجّر ومعناه قيحاً ونتناً { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } قبح صنيعكم.
{ (68) قَالُوا } اخذاً في المضارّة لمّا عجزوا عن المحاجّة { حَرِّقُوهُ } فانّ النّار أهول ما يعاقب به { وَانْصُرُوا ءَالِهَتَكُمْ } بالانتقام لها { إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ } ان كنتم ناصرين لها نصراً مؤزراً.
{ (96) قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً } ذات برد وسلام اي ابردي برداً غير ضارّ { عَلَى إِبْرَاهِيمَ }.
{ (70) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً } مكراً في اضراره { فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ } أخسر من كلّ خاسر عاد سعيهم برهاناً قاطعاً على انّهم على الباطل وابراهيم (ع) على الحق وموجباً لمزيد درجته واستحقاقهم اشدّ العذاب.
في الاحتجاج عَن الصادق عليه السلام قال قال رسول الله صلّى الله عليه وآله
"انّ ابراهيم (ع) لمّا القي في النّار قال اللّهم انّي اسألك بحقّ محمّد وآل محمد لما انجيتني منها فجعلها الله عليه برداً وسلاماً" .
{ (71) وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى الأَرْضِ الّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ } الى الشّام قيل بركته العامّة انّ اكثر الأنبياء بعثوا فيه فانتشرت في العالمين شرايعهم الّتي هي مبادي الكمالات والخيرات الدينيّة والدنيويّة ولكثرة النعم فيها والخصب الغالب.
القمّي قال فلمّا نهاهم ابراهيم (ع) واحتج عليهم في عبادتهم الاصنام فلم ينتهوا فحضر عيد لهم فخرج نمرود وجميع اهل مملكته الى عيد لهم وكره ان يخرج ابراهيم (ع) معه فوكّله ببيت الأصنام فلمّا ذهبوا عمد ابراهيم عليه السلام الى طعام فأدخله ببيت اصنامهم فكان يدنو من صنم صنم فيقول له كل وتكلّم فإذا لم يجبه اخذ القدوم فكسر يده ورجله حتّى فعل ذلك بجميع الأصنام ثم علّق القدّوم في عنق الكبير منهم الّذي كان في الصَّدر فلما رجع الملك ومن معه من العيد نظروا الى الاصنام مكسّرة فقالوا
{ { مَن فَعَلَ هَـٰذَا بِآلِهَتِنَآ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلظَّالِمِينَ * قَالُواْ سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ } [إبراهيم: 59ـ60] وهو ابن آزر فجاؤا به الى نمرود فقال نمرود لآزر خنتني وكتمت هذا الولد عنّي فقال ايّها الملك هذا عمل امّه وذكر انّها تقوم بحجبه فدعا نمرود ام ابراهيم (ع) فقال لها ما حملك على ان كتمتني امر هذا الغلام حتّى فعل بآلهتنا ما فعل فقالت ايّها الملك نظراً منّي لرعيّتك قال وكيف ذلك قالت رأيتك تقتل اولاد رعيّتك فكان هذا يذهب النسل فقلت ان كان هذا الّذي يطلبه دفعته اليه ليقتله ويكفّ عن قتل اولاد الناس وان لم يكن ذلك فبقي لنا ولدنا وقد ظفرت به فشأنك وكفّ عن اولاد النّاس وصوّب رأيها ثم قال لابراهيم (ع) من فعل هذا بآلهتنا يا ابراهيم قال ابراهيم فعله كبيرهم هذا فاسألوهم ان كانوا ينطقون.
فقال الصادق عليه السلام والله ما فعل كبيرهم وما كذب ابراهيم فقيل فكيف ذلك فقال انّما قال فعله كبيرهم هذا ان نطق وان لم ينطق فلم يفعل كبيرهم هذا شيئاً فاستشار نمرود قومه في ابراهيم (ع) فقالوا احرقوه وانصروا آلهتكم ان كنتم فاعلين.
فقال الصادق عليه السلام كان فرعون ابراهيم (ع) واصحابه لغير رشدة فانّهم قالوا لنمرود حرّقّوه وانصروا آلهتكم ان كنتم فاعلين وكان فرعون موسى واصحابه لرشدة فانّه لمّا استشار اصحابه في موسى
{ قَالُوۤاْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي ٱلْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ * يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ } [الأعراف: 111] فحبس ابراهيم (ع) وجمع له الحطب حتّى اذا كان اليوم الّذي القى فيه نمرود ابراهيم (ع) في النار بَرز نمرود وجنوده وقد كان بُنى لنمرود بناء ينظر منه الى ابراهيم (ع) كيف يأخذه النّار فجاء ابليس واتّخذ لهم المنجنيق لأنّه لم يقدر احد ان يتقارب من النّار وكان الطّائر اذا مرّ في الهواء يحترق فوضع ابراهيم عليه السلام في المنجنيق فجاء ابوه فلطمه لطمة وقال له ارجع عمّا انت عليه وانزل الربّ ملائكة الى السماء الدنيا ولم يبق شيء الاّ طلب الى ربّه وقالت الارض يا ربّ ليس على ظهري احد يعبدك غيره فيحرق وقالت الملائكة يا ربّ خليلك براهيم (ع) يحرق فقال الله عز وجلّ اما انّه ان دعاني كفيته وقال جبرائيل (ع) يا ربّ خليلك ابراهيم (ع) يحرق ليس في الارض احد يعبدك غيره سلّطت عليه عدوّه يحرق بالنار قال اسكت انّما يقول هذا عبد مثلك يخاف الفوت هو عبدي آخذه اذا شئت فان دعاني اجبته فدعا ابراهيم (ع) ربّه بسورة الاخلاص يا الله يا واحد يا اَحد يا صَمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً احد نجّني من النّار برحمتك قال فالتقى معه جبرائيل في الهواء وقد وضع في المنجنيق فقال يا ابراهيم هل لك اليّ من حاجة فقال ابراهيم امّا اليك فلا وامّا الى ربّ العالمين فنعم فدفع اليه خاتماً عليه مكتوب لا اِله الاّ الله محمّد رسول الله صلّى الله عليه وآله الجأت ظهري الى الله واسندت امري الى الله وفوّضت امري الى الله فأوحى الله الى النّار كوني برداً فاضطربت اسنان ابراهيم من البرد حتّى قال سلاماً على ابراهيم (ع) وانحطّ جبرئيل وجلس معه يحدّثه في النّار ونظر اليه نمرود فقال من اتّخذ الهاً فليتّخذ مثل اله ابراهيم فقال عظيم من عظماء اصحاب نمرود انّي عزمت على النّار ان لا تحرقه فخرج عمود من النّار نحو الرّجل فأحرقه فآمن له لوط فخرج مهاجراً الى الشام فنظر نمرود الى ابراهيم (ع) في روضة خضراء في النّار مع شيخ يحدّثه فقال لا زريا آزر ما اكرم ابنك على ربّه قال وكان الوزغ ينفخ في نار ابراهيم (ع) وكان الضّفدع يذهب بالماء ليطفي به النّار، قال ولمّا قال الله تعالى للنّار كُونِي برداً وسلاماً لم تعمل النّار في الدّنيا ثلاثة ايّام ثم قال الله تبارك وتعالى { وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الأَخْسَرِينَ } فَقال الله { وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلعالَمِينَ } الى الشام وسواد الكوفة.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام ما يقرب من صدر هذا الحديث على حذف واختصار.
وعن الباقر عليه السلام ما يقرب من ذيله كذلك.
وعن الصادق عليه السلام انّ ابراهيم (ع) لمّا كسر اصنام نمرود امر به نمرود فأوثق وامر له حيراً وجمع له في الحطب والهب فيه النّار لتحرقه ثم قذف ابراهيم (ع) في النار لتحرقه ثم اعتزلوها حتّى خمدت النّار ثم اشرفوا عل الحير فاذا هم بابراهيم سليماً مطلقاً من وثاقه فاخبر نمرود خبره فامر ان ينفوا ابراهيم من بلاده وان يمنعوه من الخروج بماشيته وماله فحاجّهم ابراهيم (ع) عند ذلك فقال ان اخذتم ماشيتي ومالي فانّ حقّي عليكم ان تردّوا عليّ ما ذهب من عمري في بلادكم واختصموا الى قاضي نمرود فقضى على ابراهيم ان يسلّم اليهم جميع ما اصاب في بلادهم وقضى على اصحاب نمرود ان يردّوا على ابراهيم (ع) فاذهب من عمره في بلادهم فأخبر بذلك نمرود فأمرهم ان يخلّوا سبيله وسبيل ماشيته وماله وان يخرجوه وقال انّه ان بقي في بلادكم افسد دينكم واضرّ بآلهتكم.