خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ
٨٠
وَلِسُلَيْمَانَ ٱلرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ
٨١
وَمِنَ ٱلشَّيَاطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذٰلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ
٨٢
وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ
٨٣
فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ
٨٤
وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا ٱلْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ ٱلصَّابِرِينَ
٨٥
وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ
٨٦
وَذَا ٱلنُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي ٱلظُّلُمَاتِ أَن لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ
٨٧
-الأنبياء

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (80) وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ } عمل الدرع وهو في الاصل اللّباس { لِتُحْصِنَكُم مِن بَأْسِكُمْ } وقرء بالتاء والنون { فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ } ذلك.
في الكافي عن الصادق عليه السلام انّ امير المؤمنين عليه السلام قال اوحى الله الى داود (ع) انّك نعم العبد لولا انّك تأكل من بيت المال ولا تعمل بيدك شيئاً قال فبكى داود (ع) اربعين صباحاً فأوحى الله الى الحديد أَنْ لِنْ لِعَبْدِي داود فألان الله له الحديد فكان يعمل في كلّ يوم درعاً فيبيعها بألف درهم فعمل ثلاثمئة وستّين درعاً فباعها بثلاث مئة وستّين الفاً واستغنى من بيت المال.
{ (81) وَلِسُلَيْمَانَ } وسخّرنا له { الرِّيحَ عَاصِفَةً } شديدة الهبوب يقطع مسافة كثيرة في مدّة يسيرة كما قال
{ { غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ } [سبأ: 12] { تَجْرِي بِأَمْرِهِ }
القميّ قال تجري من كلّ جانب { إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا } قال الى بيت المقدس والشّام { وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ } فيجريه على ما تقتضيه الحكمة.
{ (82) وَمِنَ الشَّياطِينِ مَن يُغُوصُونَ لَهُ } في البحار ويخرجون نفايسه { وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذَلِكَ } ويتجاوزون ذلك الى اعمال اخر كبناء المدن والقصور واختراع الصنايع الغريبة لقوله تعالى
{ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَآءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ } [سبأ: 13] { وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ } عن ان يزيغوا عن امرنا او يفسدوا على ما هو مقتضى جبلّتهم.
{ (83) وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ } وهو بالفتح شايع في كلّ ضرر وبالضم خاص بما في النفس كمرض وهزال { وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } وصف ربّه بغاية الرحمة بعدما ذكر نفسه بما يوجبها واكتفى بذلك عن عرض المطلوب لطفاً في السّؤال قيل وكان روميّاً من ولد عيص بن اسحق استنبأه الله وكثر اهله وماله ثم ابتلاه الله بهلاك اولاده وذهاب امواله والمرض في بدنه ويأتي ذكر قصّته في سورة ص ان شاء الله تعالى.
{ (84) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ } بالشفاء من مرضه { وآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَعَهُمْ }
في الكافي عن الصادق عليه السلام انّه سئل كيف اوتي مثلهم معهم قال احيى له من ولده الّذين كانوا ماتوا قبل ذلك بآجالهم مثل الذين هلكوا يومئذ { رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا } عليه { وَذِكْرَى } وتذكرة { لِلعَابِدِينَ }
في الخصال عنه عليه السلام قال ابتلى ايّوب سبع سنين بلا ذنب.
وفي العلل عنه عليه السلام قال انّما كانت بليّة أيّوب التي ابتلي بها في الدنيا لنعمه انعم الله بها عليه فأدّى شكرها الحديث ويأتي تمامه ان شاء الله في سورة ص
{ (85) وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ } هو يوشع بن نون.
رواه في العيون عن الرضا عن امير المؤمنين عليهما السلام في خبر الشّامي { كُلٌّ } كلّ هؤلاء { مِنَ الصَّابِرِينَ } على مشاقّ التكاليف وشدايد المصائب.
{ (86) وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا } النبوّة في الدنيا والنّعيم في الآخرة { إِنَّهُم مِنَ الصَّالِحِينَ }
{ (87) وَذَا النُّونِ } وصاحب الحوت يونس بن متى { إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً } لقومه لمّا برم لطول دعوتهم وشدّة شكيمتهم وتمادي اصرارهم مهاجراً عنهم قبل ان يؤمر به كما سبق قصّته في سورته { فَظَنَّ أَن لَن نَقْدِرَ عَلَيْهِ } قيل اي لن نضيق عليه ولن نقضي عليه بالعقوبة من القدر او لن نعمل فيه قدرتنا وقل هو تمثيل لحاله بحال من ظنّ ان لن نقدر عليه في امر مراغمة قومه من غير انتظار لامرنا او خطرة شيطانية سبقت الى وهمه فسمّي ظنّاً للمبالغة { فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لاَ إِلهَ إِلاّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ } قيل اي لنفسي بالمبادرة الى المهاجرة.
وفي العيون عن الرضا عليه السلام انه سئل عن هذه الآية فقال ذاك يونس بن متّى ذهب مغاضباً لقومه فظنّ بمعنى استيقن ان لن نقدر عليه اي لن نضيق عليه رزقه ومنه قول الله عزّ وجلّ وامّا اذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه اي ضيّق عليه وقتر فنادى في الظلمات ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة بطن الحوت { أَن لاَ إِلهَ إِلاّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ } بتركي مثل هذه العبادة الّتي قد فرغتني لها في بطن الحوت فاستجاب الله وقال عزّ وجلّ
{ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } [الصافات: 143ـ144].
وفي رواية اخرى عنه عليه السلام بعد تفسير لن نقدر بما ذكر ولو ظنّ ان الله لا يقدر عليه لكان قد كفر.
والقمّي عن الباقر عليه السلام في قوله وذا النون اذ ذهب مغاضباً يقول من اعمال قومه فظنّ ان لن نقدر عليه يقول ظنّ ان لن نعاقب بما صنع.
وعن الصادق عليه السلام انه سئل ما كان سببه حتّى ظنّ ان لن نقدر عليه قال وكّله الى نفسه طرفة عين.
وعن النبي صلى الله عليه وآله
"انّما وكل الله يونس بن متّى الى نفسه طرفة عين فكان منه ما كان" .
وعن الصادق عليه السلام بعد ما ذكر من قصة يونس ما سبق في سورته قال فغضب يونس ومرّ على وجهه مغاضباً لله كما حكى الله عنه حتى انتهى الى ساحل البحر فاذا سفينة قد شحنت الحديث. ويأتي تمامه في سورة الصّافات ان شاء الله ويذكر فيه ما دعاه الى ندائه في الظلمات.