خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُهُمْ وَلاَ يَضُرُّهُمْ وَكَانَ ٱلْكَافِرُ عَلَىٰ رَبِّهِ ظَهِيراً
٥٥
وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً
٥٦
قُلْ مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَن شَآءَ أَن يَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلاً
٥٧
وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱلْحَيِّ ٱلَّذِي لاَ يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَىٰ بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً
٥٨
ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ ٱلرَّحْمَـٰنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً
٥٩
-الفرقان

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (55) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مَا لاَ يَنْفَعُهُمْ وَلاَ يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا } يظاهر الشيطان في العداوة والشّرك.
في البصائر عن الباقر عليه السلام انّه سئل عنها فقال تفسيرها في بطن القرآن عليّ هو ربّه في الولاية والربّ هو الخالق الّذي لا يوصف.
اقولُ: يعني انّ الربّ على الإِطلاق الغير المقيّد بالولاية هو الله الخالق جلّ ذكره.
والقمّي قد يسمّى الانسان ربّاً كقوله تعالى
{ { ٱذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ } [يوسف: 42] وكلّ مالك لشيء يسمّى ربّه وقوله تعالى { وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا } فقال الكافر الثاني وكان علي امير المؤمنين عليه السلام ظهيراً.
{ (56) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّرًا } للمؤمنين { وَنَذِيرًا } للكافرين.
{ (57) قُلْ مَا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ } على تبليغ الرسالة الذي يدل عليه إلاّ مبشِّرًا ونَذِيرًا { مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَنْ شَاءَ } إلاّ فعل من شاء { أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً } أن يتقرّب إليه ويطلب الزّلفى عنده بالإِيمان والطاعة فصوّر ذلك في صورة الأجر من حيث انّه مقصود فعله واستثناء منه قطعاً لشبهة الطّمع وإظهاراً لغاية الشفقة.
{ (58) وَتَوَكَّلْ عَلَى الحَىِّ الَّذِى لاَ يَمُوتُ } في استكفائه شرورهم والاغناء من اجورهم فانّه الحقيق بأن يتوكَّل عليه دون الاحياء الّذين يموتون فانّهم اذا ماتوا ضاع من توكّل عليهم { وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ } ونزّهه عن صفات النقصان مثنياً عليه بأوصاف الكمال طالباً لمزيد الانعام بالشكر على سوابغه { وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا } ما ظهر منها وما بطن فلا عليك ان آمنوا او كفروا.
{ (59) الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } قد سبق الكلام فيه في سورة الأعراف ولعلّ ذكره لزيادة تقرير لكونه حقيقاً بأن يتوكّل عليه من حيث انّه الخالق للكلّ والمتصرّف فيه وتحريص على الثبات والتأنّي في الأمر فانّه تعالى مع كمال قدرته وسرعة نفاذ امره خلق الأشياء على تؤدة وتدرّج وقد مضى هذا المعنى في كلامهم عليهم السلام { الرَّحْمَنُ } خبر للّذي ان جعلته مبتدأ ولمحذوف ان جعلته صفة للحيّ او بدل من المستكن في استوى { فَاسْئَلْ بِهِ خَبِيرًا } فاسئل عمّا ذكر من الخلق والاستواء او عن انّه هو الرحمن.
وفي المجمع روي انّ اليهود حكوا عن ابتداء خلق الأشياء بخلاف ما اخبر الله تعالى عنه فقال سبحانه { فَاسْئَل بِهِ خَبيرًا } والسؤال كما يعدّي بعن لتضمنّه معنى التفتيش يعدّي بالباء لتضمّنه معنى الاعتناء ويجوز ان يكون صلة خبيراً والخبير هو الله سبحانه او جبرئيل او من وجده في الكتب المتقدّمة ليصدّقك فيه كذا قيل.
أقولُ: ويحتمل أن يكون المراد بها الرسل المتقدّمة فيكون السؤال في عالم الأرواح كقوله تعالى
{ { وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَآ أَجَعَلْنَا مِن دُونِ ٱلرَّحْمَـٰنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ } [الزخرف: 45] وقيل الضمير للرّحمن والمعنى ان انكروا اطلاقه على الله فاسأل عنه من يخبرك من اهل الكتاب لتعرفوا مجيء ما يرادفه في كتبهم.