خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلاَلَةٍ مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ
٨
ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ وَٱلأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ
٩
وَقَالُوۤاْ أَءِذَا ضَلَلْنَا فِي ٱلأَرْضِ أَءِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُم بِلَقَآءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ
١٠
قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ ٱلْمَوْتِ ٱلَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ
١١
وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ ٱلْمُجْرِمُونَ نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَٱرْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ
١٢
وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَـٰكِنْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ
١٣
فَذُوقُواْ بِمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَآ إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُـواْ عَذَابَ ٱلْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
١٤
إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِهَا خَرُّواْ سُجَّداً وَسَبَّحُواْ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ
١٥
-السجدة

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (8) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ } ذريته سميت به لأنها تنسل منه أي تنفصل { مِنْ سُلاَلَةٍ } القمّي نسله اي ولده من سلالة قال هو الصّفوة من الطعام والشراب { مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ } قال النطفة المني
{ (9) ثُمَّ سَوّاهُ } قَوّمه بتصوير اعضائه على ما ينبغي.
القمّي استحاله من نطفة الى علقة ومن علقة الى مضغة حتّى نفخ فيه الرّوح.
{ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ } اضافة الى نفسه تشريفاً واظهاراً بأنّه خلق عجيب وانّ له لشأناً له مناسبة ما الى الحضرة الربوبيّة ولأجله قبل من عرف نفسه فقد عرف ربّه وقد مضى في معنى الرّوح اخبار في سورة الحجر { وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ } خصوصاً لتسمعوا وتبصروا وتعقلوا { قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ } شكراً قليلاً.
{ (10) وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِى الأَرْضِ } أي صرنا تراباً مخلوطاً بتراب الأرض لا نتميّز عنه او غبناً فيها وقرء بحذف الهمزة.
وفي الجوامع عن امير المؤمنين عليه السلام انّه قرء بالمهملة وكسر اللاّم من صلّ اللحم اذا انتن { أَئِنّا لَفِى خَلْقٍ جَدِيدٍ } يجدّد خلقنا وقرئ بحذف الهمزة { بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ }
في التوحيد عن امير المؤمنين عليه السلام يعني البعث فسمّاه الله عزّ وجلّ لقائه.
{ (11) قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ } يستوفي نفوسكم لا يترك منها شيئاً ولا يبقى منكم أحداً { مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِى وُكِّلَ بِكُمْ } بقبض ارواحكم واحصاء اجالكم { ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ } للحساب والجزاء
القمّي عن الصادق عليه السلام قال قال رسول الله صلّى الله عليه وآله لما اسري بي الى السماء رأيت ملكاً من الملائكة بيده لوح من نور لا يلتفت يميناً ولا شمالاً مقبلاً عليه كهيئة الحزين فقلت من هذا يا جبرئيل قال هذا ملك الموت مشغول في قبض الأرواح فقلت ادنني منه يا جبرئيل لأكلّمه فأدناني منه فقلت له يا ملك الموت اكل من مات او هو ميّت فيما بعد أنت تقبض روحه قال نعم قلت وتحضرهم بنفسك قال نعم ما الدنيا كلّها عندي فيما سخّرها الله عزّ وجلّ لي ومكّنني منها الاّ كالدّرهم في كفّ الرجل يقلّبه كيف شاء وما من دار في الدنيا الاّ وادخلها في كلّ يوم خمس مرّات واقول اذا بكى اهل البيت على ميّتهم لا تبكوا عليه فانّ لي اليكم عودة وعودة حتّى لا يبقى منكم أحد.
فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله كفى بالموت طامّة يا جبرئيل فقال جبرئيل ما بعد الموت اطمّ واعظم من الموت.
{ (12) وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ } من الحياء والخزي { رَبَّنَا } قائلين ربّنا { أَبْصَرْنَا } ما وعدتنا { وَسَمِعْنَا } منك تصديق رسلك { فَاَرْجِعْنَا } الى الدنيا { نَعْمَلْ صَالِحًا إِنّا مُوقِنُونَ } اذ لم يبق لنا شكّ بما شاهدنا.
القمّي ابصرنا وسمعنا في الدنيا ولم نعمل به.
{ (13) وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا } ما تهتدي به الى الإِيمان والعمل الصالح بالتوفيق له
القمّي قال لو شئنا ان نجعلهم كلّهم معصومين لقدرنا { وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنّى } ثبت قضائي وسبق وعيدي { لأَمْلَئَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجِنَّةِ والنّاسِ أَجْمَعِينَ }
{ (14) فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ }
القمّي اي تركناكم { وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } من التكذيب والمعاصي.
{ (15) إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِها } وعظوا بها { خَرُّوا سُجَّدًا } خوفاً من عذاب الله { وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ } ونزّهوه عمّا لا يليق به كالعجز عن البعث حامدين له شكراً على ما وفّقهم للاسلام واتاهم الهدى { وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } عن الإِيمان والطاعة.