خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ
١٦
فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
١٧
-السجدة

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (16) تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ } ترتفع وتتنحّى { عَنِ الْمَضَاجِعِ } الفرش ومواضع النّوم.
في المجمع عنهما عليهما السلام هم المتهجّدون باللّيل الذين يقومون عن فرشهم للصلاة { يَدْعُونَ رَبَّهُمْ } داعين ايّاه { خَوْفًا } من سخطه { وَطَمَعًا } في رحمته { وَمِمَّ رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ } في وجوه الخير.
في العلل عن الباقر عليه السلام في هذه الآية قال لعلّك ترى انّ القوم لم يكونوا ينامون لا بدّ لهذا البدن ان تريحه حتّى يخرج نفسه فاذا خرج النفس استراح البدن ورجع الرّوح قوّة على العمل قال نزلت في امير المؤمنين عليه السلام واتباعه من شيعتنا ينامون في اوّل اللّيل فاذا ذهب ثلثا اللّيل او ما شاء الله فزعوا الى ربّهم راغبين مرهبين طامعين فيما عنده فذكر الله في كتابه فأخبركم بما اعطاهم انّه اسكنهم في جواره وادخلهم جنّته وامنهم خوفهم واذهب رعبهم.
وفي الكافي عنه عليه السلام وفي المجالس عن الصادق عليه السلام وفي المجمع عن النبي صلّى الله عليه وآله الا اخبرك بأبواب الخير قيل نعم قال الصوم جنّة من النار والصدقة تكفر الخطيئة وقيام الرجل في جوف اللّيل يبتغي وجه الله وفي رواية يذكر الله وفي اخرى يناجي ربّه ثم قرأ هذه الآية تتجافى جنوبهم.
وفي الامالي عن الصادق عليه السلام في هذه الآية قال لا ينامون حتّى يُصَلُّوا العتمة.
{ (17) فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِىَ لَهُمْ } وقرئ بسكون الياء { مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ } ممّا تقرّ به عيونهم { جَزَاءً بِمَا يَعْمَلُونَ }
القمّي عن الصادق عليه السلام ما من عمل حسن يعمله العبد الاّ وله ثواب في القرآن الاّ صلاة الليل فإنّ الله عزّ وجلّ لم يبيّن ثوابها لعظم خطره عنده فقال جلّ ذكره تتجافى جنُوبهم الى قوله يعملون ثمّ قال انّ للهِ كرامة في عباده المؤمنين في كلّ يوم جمعة فاذا كان يوم الجمعة بعث الله الى المؤمن ملكاً معه حلّتان فينتهي الى باب الجنّة فيقول استأذنوا لي على فلان فيقال له هذا رسول ربّك على الباب فيقول لازواجه ايّ شيء ترين عليَّ احسن فيقلن يا سيّدنا والّذي اباحك الجنّة ما رأينا عليك شيئاً احسن من هذا بعث اليك ربّك فيتّزر بواحدة ويتعطّف بالاخرى فلا يمرّ بشيء الاّ اضاء له حتّى ينتهي الى الموعد فاذا اجتمعوا تجلّى لهم الربّ تبارك وتعالى فاذا نظروا اليه خرّوا سجّداً فيقول عبادي ارفعوا رؤوسكم ليس هذا يوم سجود ولا يوم عبادة قد رفعت عنكم المؤنة فيقولون يا ربّ وايّ شيء افضل ممّا اعطيتنا اعطيتنا الجنّة فيقول لكم مثل ما في ايديكم سبعين ضعفاً فيرجع المؤمن كلّ جمعة سبعين ضعفاً مثل ما في يديه وهو قوله
{ { وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ } [ق: 35] وهو يوم الجمعة ليلتها ليلة غرّاء ويومها يوم ازهر فأكثروا فيها من التسبيح والتكبير والتهليل والثناء على الله والصلاة على محمد وآله قال فيمرّ المؤمن فلا يمرّ بشيء الاّ اضاء له حتى ينتهي الى ازواجه فيقلن والذي اباحنا الجنّة يا سيّدنا ما رأيناك قطّ احسن منك السّاعة فيقول انّي قد نظرت الى نور ربّي ثم قال انّ ازواجه لا يغرن ولا يحضن ولا يصلفن قال الراوي قلت جعلت فداك انّي اردت ان اسألك عن شيء استحي منه قال سل قلت في الجنّة غناء قال انّ في الجنّة شجر يأمر الله رياحها فتهبّ فتضرب تلك الشجرة بأصوات لم يسمع الخلايق بمثلها حسناً ثمّ قال هذا عوض لم ترك السماع للغناء في الدنيا من مخافة الله.
قال قلت جعلت فداك زدني فقال انّ الله خلق جنّة بيده ولم ترها عين ولم يطلع عليها مخلوق يفتحها الربّ كلّ صباح فيقول ازدادي ريحاً وازدادي طيباً وهو قول الله { فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِىَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }
وفي المحاسن عنهما عليهما السلام قالا قال رسول الله صلّى الله عليه وآله لمّا اسري بي رأيت في الجنّة نهراً ابيض من اللّبن واحلى من العسل واشدّ استقامة من السّهم فيه أباريق عدد النجوم على شاطئه قباب الياقوت الأحمر والدرّ الأبيض فضرب جبرئيل بجناحيه فاذا هو مسكة ذفرة ثم قال والذي نفس محمد صلّى الله عليه وآله بيده انّ في الجنّة لشجراً يتصفّق بالتسبيح بصوت لم يسمع الأوّلون والآخرون يثمر ثمراً كالرمّان يلقي ثمره الى الرجل فيشقّها عن سبعين حلّة والمؤمنون على الكراسي وهم الغرّ المحجّلون حيث شاؤا من الجنّة فبيناهم كذلك اذ اشرفت عليهم امرأة من فوقه تقول سبحان الله يا عبد الله ما لنا منك دولة فيقول من انت فتقول انا من اللّواتي قال الله { فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِىَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ }
وفي المجمع عن النبي صلّى الله عليه وآله يقول الله تعالى اعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر بله ما اطّلعتكم عليه اقرؤا ان شئتم { فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ } الآية.
أقولُ: بله ككتف بمعنى دع او سوى.