خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قُل لاَّ تُسْأَلُونَ عَمَّآ أَجْرَمْنَا وَلاَ نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ
٢٥
قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِٱلْحَقِّ وَهُوَ ٱلْفَتَّاحُ ٱلْعَلِيمُ
٢٦
قُلْ أَرُونِيَ ٱلَّذيِنَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَآءَ كَلاَّ بَلْ هُوَ ٱللَّهُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحْكِيمُ
٢٧
وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَآفَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ
٢٨
وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
٢٩
قُل لَّكُم مِّيعَادُ يَوْمٍ لاَّ تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلاَ تَسْتَقْدِمُونَ
٣٠
وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن نُّؤْمِنَ بِهَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ وَلاَ بِٱلَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ ٱلظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ ٱلْقَوْلَ يَقُولُ ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ لَوْلاَ أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ
٣١
قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ لِلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُوۤاْ أَنَحْنُ صَدَدنَاكُمْ عَنِ ٱلْهُدَىٰ بَعْدَ إِذْ جَآءَكُمْ بَلْ كُنتُمْ مُّجْرِمِينَ
٣٢
وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ بَلْ مَكْرُ ٱلَّيلِ وَٱلنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَآ أَن نَّكْفُرَ بِٱللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَاداً وَأَسَرُّواْ ٱلنَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ وَجَعَلْنَا ٱلأَغْلاَلَ فِيۤ أَعْنَاقِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
٣٣
-سبأ

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (25) قُلْ لاَ تُسْئَلُونَ عَمّا أَجْرَمْنَا وَلاَ نُسْئَلُ عَمّا تَعْمَلُونَ } هذا ادخل في الانصاف وابلغ في الاخبات حيث اسند الاجرام الى انفسهم والعمل الى المخاطبين.
{ (26) قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا } يوم القيامة { ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ } يحكم ويفصل بأن يدخل المحقّين الجنّة والمبطلين النار { وَهُوَ الْفَتَّاحُ } الحاكم الفاصل { الْعَلِيمُ } بما ينبغي ان يقضى به.
{ (27) قُلْ أَرُونِى الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ } لأرى بأيّ صفة الحقتموهم بالله في استحقاق العبادة وهو استفسار عن شبهتهم بعد الزام الحجّة عليهم زيادة في تبكيتهم { كَلاّ } ردع لهم عن المشاركة بعد ابطال المقايسة { بَلْ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } الموصوف بالغلبة وكمال القدرة والحكمة وهؤلاء الملحقون متّسمة بالذلّة متأبّية عن قبول العلم والقدرة راساً.
{ (28) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ كَافَّةً لِلنّاسِ } الاّ لرسالة عامّة لهم من الكفّ فانّها اذا عمّتهم فقد كفّتهم ان يخرج منها احد منهم { بَشِيرًا وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } فَيحملهم جهلهم على مخالفتك.
في الكافي عن الصادق عليه السلام قال انّ الله تبارك وتعالى اعطى محمداً صلى الله عليه وآله شرايع نوح وابراهيم وموسى وعيسى على نبيّنا وآله وعليهم السلام الى ان قال وارسله كافّة الى الابيض والاسود والجنّ والانس.
وفي روضة الواعظين عن السجاد عليه السلام انّ ابا طالب سأل النبيّ صلّى الله عليه وآله يا ابن اخ الى الناس كافّة أُرْسِلْتَ ام الى قومك خاصّة قال لا بل الى النّاس أُرْسِلْتُ كافّة الأبيض والاسود والعربيّ والعجمي والذي نفسي بيده لأدعونّ الى هذا الامر الابيض والاسود من على رؤوس الجبال ومن في لجج البحار ولادعونّ ألسنة فارس والرّوم.
والقمّي عن الصادق عليه السلام انّه قال لرجل سأله اخبرني عن الرّسول كان عامّاً للنّاس اليس قد قال الله عزّ وجلّ في محكم كتابه { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ كَافّةً للنّاس } لأهل الشرق والغرب واهل السماء والارض من الجنّ والانس هل بلغ رسالته اليهم كلّهم قال لا ادري قال انّ رسول الله لم يخرج من المدينة فكيف ابلغ اهل الشرق والغرب ثم قال انّ الله تعالى امر جبرئيل (ع) فاقتلع الأرض بريشة من جناحه ونصبها لرسول الله صلّى الله عليه وآله فكانت بين يديه مثل راحته في كفّيه ينظر الى أهل الشرق والغرب ويخاطب كلّ قوم بألسنتهم ويدعوهم الى الله عزّ وجلّ والى نبوّته بنفسه فما بقيت قرية ولا مدينة الا ودعاهم النبيّ صلّى الله عليه وآله بنفسه.
{ (29) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الوَعْدُ } الموعود بقوله { يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا } { إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } يخاطبون به رسول الله صلّى الله عليه وآله والمؤمنين.
{ (30) قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لاَ تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلاَ تَسْتَقْدِمُونَ } اذا فاجأكم وهو جواب تهديد في مقابل تعنّتهم وانكارهم.
{ (31) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلاَ بِالَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ } ولا بما تقدّمه من الكتب الدّالة على البعث { وَلَوْ تَرَى إِذِ الظّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ } في موضع المحاسبة { يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ } يتحاورون ويتراجعون القول { يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا } لاتباع { لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا } للرّؤساء { لَوْلاَ أَنْتُمْ } لولا اضلالكم وصدّكم ايّانا عن الإِيمان { لَكُنّا مُؤْمِنِينَ } باتّباع الرّسول.
{ (32) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ } انكروا انّهم كانوا صادّين لهم عن الإِيمان واثبتوا انّهم هم الذين صدّوا انفسهم حيث اعرضوا عن الهدى وآثروا التقليد عليه.
{ (33) وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ } اضراب عن اضرابهم اي لم يكن اجرامنا الصّاد بل مكركم لنا دائباً ليلاً ونهاراً حتى اغرتم علينا رأينا { إِذْ تَأْمُرُونَنا أَنْ نَكْفُرَ بِاللهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النّدامَةَ لَمّا رَأَوُا الْعَذَابَ } واضمر الفريقان الندامة على الضلالة والاضلال واخفاها كلّ عن صاحبه مخافة التعيير.
القمّي قال يسرّون الندامة في النار اذا رأوا وليّ الله فقيل يا ابن رسول الله وما يغنيهم اسرارهم الندامة وهم في العذاب قال يكرهون شماتة الاعداء { وَجَعَلْنَا الأَغْلاَلَ فِى أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا } اي في اعناقهم فجاء بالظاهر تنويها بذمّهم واشعاراً بموجب اغلالهم { هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاّ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } اي لا يفعل بهم ما يفعل الاّ جزاء على اعمالهم.