خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَقَالَ إِنِّيۤ أَحْبَبْتُ حُبَّ ٱلْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّىٰ تَوَارَتْ بِٱلْحِجَابِ
٣٢
رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِٱلسُّوقِ وَٱلأَعْنَاقِ
٣٣
وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَىٰ كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنَابَ
٣٤
قَالَ رَبِّ ٱغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لاَّ يَنبَغِي لأَحَدٍ مِّن بَعْدِيۤ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْوَهَّابُ
٣٥

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (32) فَقَالَ إِنِّى أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّى } قيل اصل أحببت ان يعدّى بعلى لأنّه بمعنى آثرت لكن لمّا انيب مناب انبت عدّي تعديته بعن وقيل هو بمعنى تقاعدت وحبّ الخير مفعول له والخير المال الكثير والمراد به هنا الخيل التي شغلته عن الذكر وفي الحديث الخيل معقود بنواصيها الخير { حَتّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ } غربت الشمس شبّه غروبها بتواري المخبأة بحجابها واضمارها من غير ذكر لدلالة العشيّ عليه.
{ (33) رُدُّوهَا عَلَىَّ } الضمير للشّمس { فَطَفِقَ مَسْحًا } فأخذ يمسح مسحاً { بِالسُّوقِ وَالأَعْنَاقِ }.
في الفقيه عن الصادق عليه السلام قال انّ سليمان بن داود (ع) عرض عليه ذات يوم بالعشيّ الخيل فاشتغل بالنظر اليها حتى توارت الشمس بالحجاب فقال للملائكة ردّوا الشَّمس عَلىَّ حتّى اصلّي صلاتي في وقتها فردّوها فقام فمسح ساقيه وعنقه وامر اصحابه الذين فاتتهم الصلاة معه بمثل ذلك وكان ذلك وضوءهم للصلاة ثمّ قام فصلّى فلمّا فرغ غابت الشمس وطلعت النجوم وذلك قول الله عزّ وجلّ ووهبنا لداود سليمان الى قوله والاعناق.
وفي المجمع عن امير المؤمنين عليه السلام انّ هذه الخيل كانت شغلته عن صلاة العصر حتّى فات وقتها قال وفي روايات اصحابنا انّه فاته اوّل الوقت.
وفي الكافي والفقيه عن الباقر عليه السلام انّه سئل عن قول الله عزّ وجلّ
{ { إِنَّ ٱلصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً } [النساء: 103] قال يعني مفروضاً وليس يعني وقت فوتها اذا جاز ذلك الوقت ثم صلاّها لم يكن صلاته هذه مؤدّاة ولو كان ذلك كذلك لهلك سليمان بن داود (ع) حين صلاّها لغير وقتها ولكنّه متى ما ذكرها صلاّها.
وفي العلل عنه عليه السلام ما يقرب منه.
وفي المجمع قال ابن عبّاس سألت عليّاً عليه السلام عن هذه الآية فقال ما بلغك فيها يا ابن عبّاس قلت بلى سمعت كعباً يقول اشتغل سليمان بعرض الأفراس حتّى فاتته الصلاة فقال ردّوها عليّ يعني الافراس وكانت اربعة عشر فأمر بضرب سوقها واعناقها بالسيف قتلها فسلبه الله ملكه اربعة عشر يوماً لأنّه ظلم الخيل بقتلها فقال عليّ عليه السلام كذب كعب لكن اشتغل سليمان بعرض الافراس ذات يوم لأنه اراد جهاد العدوّ حتّى توارت الشمس بالحجاب فقال بأمر الله للملائكة الموكّلين بالشمس ردّوها عليّ فردّت فصلّى العصر في وقتها وانّ انبياء الله لا يظلمون ولا يأمرون بالظلم لأنّهم معصومون مطهّرون.
والقمّي ذكر قريباً ممّا قاله كعب ثمّ روى قصّة خاتمه عن الصادق عليه السلام وانّه ضلّ عنه اربعين يوماً بسبب قتله الخيل سرقه شيطان وجلس مكانه في تلك المدّة الى آخر ما ذكره ممّا لا يليق بالانبياء الاّ اذا كان مرموزاً واريد به شيء آخر كما سبق مثله في قصّة هاروت وماروت.
{ (34) وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ }.
في المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله انّ سليمان قال يوماً في مجلسه لأطوفنّ اللّيلة على سبعين امرأة تلد كلّ امرأة منهنّ غلاماً يضرب بالسيف في سبيل الله ولم يقل ان شاء الله فطاف عليهنّ فلم تحمل منهنّ الاّ امرأة واحدة جاءت بشقّ ولد قال ثمّ قال فوالّذي نفس محمد صلّى الله عليه وآله بيده لو قال ان شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرساناً والجسد الذي كان على كرسيّه كان هذا وعن الصادق عليه السلام انّ الجنّ والشياطين لمّا ولد لسليمان (ع) ابن قال بعضهم لبعض ان عاش له ولد لنلقّينّ منه ما لقينا من ابيه من البلاء فاشفق منهم عليه فاسترضعه في المزن وهو السحاب فلم يشعر الاّ وقد وضع على كرسيّه ميّتاً تنبيها على انّ الحذر لا ينفع من القدر وانّما عوتب على خوفه من الشياطين وقيل الجسد ذاك الشيطان الذي كان قد جلس مكانه على كرسيّه سمّي بالجسد الذي لا روح فيه لأنّه كان متمثّلاً بما لم يكن كذلك وهذا قول العامّة الرّاوين لتلك القصّة التي فيها ذكر الخاتم الاّ انهم ذكروا في سبب ابتلائه بسبب ملكه انّه كانت امرأته تعبد في بيته صورة اربعين يوماً وهو لم يشعر بذلك.
{ (35) قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِى وَهَبْ لِى مُلْكًا لاَ يَنْبَغِى لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِى إِنَّكَ أَنْتَ الوَهّابُ }