خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ
٢٤
كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمُ ٱلْعَـذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ
٢٥
فَأَذَاقَهُمُ ٱللَّهُ ٱلْخِزْيَ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ
٢٦
وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ
٢٧
قُرْآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ
٢٨
ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَآءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً ٱلْحَمْدُ للَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ
٢٩
-الزمر

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (24) أَفَمَنْ يَتَّقِى بِوَجْهِهِ } يجعله درعه يقي به نفسه لأنّه يكون مغلولة يداه الى عنقه فلا يقدر ان يتّقي الاّ بوجهه { سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } كمن هو آمن منه فحذف الخبر كما حذف في نظائره { وَقِيلَ لِلظّالِمِينَ } اي لهم فوضع الظاهر موضعه تسجيلاً عليهم بالظّلم واشعاراً بالموجب لما يقال لهم { ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ } اي وباله.
{ (25) كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَاتَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ } من الجهة التي كانت لا تخطر ببالهم انّ الشرّ يأتيهم منها.
{ (26) فَأَذَاقَهُمُ اللهُ الْخِزْىَ } الذلّ { فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } كالمسخ والخسف والقتل والسّبي والاجلاء { وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ } المعدّ لهم { أَكْبَرُ } لشدّته ودوامه { لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } لاعتبروا به واجتنبوا عنه.
{ (27) وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنّاسِ فِى هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ } يحتاج اليه النّاظر في امر دينه { لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } يتّعظون به.
{ (28) قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِى عِوَجٍ } لا اختلال فيه بوجهٍ ما { لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ }.
{ (29) ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً } للمشرك والموحّد { رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ } متنازعون مختلفون { وَرَجُلاً سَلَمًا لِرَجُلٍ } خالصاً لواحد ليس لغيره عليه سبيل وقرئ سالماً قيل مثل للمشرك على ما يقتضيه مذهبه من أن يدّعي كلّ واحد من معبودية عبوديّته ويتنازعون فيه بعبد متشارك فيه جمع يتجاذبونه ويتعاورونه في مهامهم المختلفة في تحيّره وتوزّع قلبه والموحّد بمن خلص لواحد ليس لغيره عليه سبيل.
والقمّي مثل ضربه الله عزّ وجلّ لأمير المؤمنين عليه السلام ولشركائه الّذين ظلموه وغصبوه قوله متشاكسون اي متباغضون وقوله ورجلاً سلماً لرجل امير المؤمنين سلم لرسول الله صلوات الله عليهما.
وفي المعاني عن امير المؤمنين عليه السلام قال الا وانّي مخصوص في القرآن باسماء احذروا ان تغلّبوا عليها فتضلّوا في دينكم انّا السَّلَمُ لرسول الله صلّى الله عليه وآله يقول الله عزّ وجلّ ورجلاً سَلَماً لِرَجُلٍ.
في المجمع عنه عليه السلام انا ذلك الرجل السلم لرسول الله صلّى الله عليه وآله.
والعيّاشي عن الباقر عليه السلام الرجل السلم لرجل حقّاً عليّ وشيعته.
وفي الكافي عنه عليه السلام امّا الّذي فيه شركاء متشاكسون فلان الأوّل يجمع المتفرّقون ولايته وهم في ذلك يلعن بعضهم بعضاً ويبرء بعضهم من بعض وامّا رجل سلم لرجل فلان الأوّل حقّاً وشيعته.
أقولُ: اراد عليه السلام بفلان الأوّل في اوّل ما قال ابا بكر فانّه كان اوّل الخلفاء باطلاً وفيما قاله ثانياً امير المؤمنين عليه السلام فانه كان اوّل الخلفاء حقّاً وانّما قيّد الثاني بقوله حقّاً ولم يقيّد الأول بقوله باطلاً لاحتياج الثاني الى تلك القرينة في فهم المراد منه بخلاف الأوّل كما لا يخفى فالوجه في تخالف اصحاب ابي بكر انّ ابا بكر لم يكن سلماً لله ولرسوله لا في امر الامارة ولا فيما يتبنّى عليها من الأحكام وكان اصحابه اصحاب أهواء وآراء وهي ممّا يجري فيه الاختلاف بخلاف امير المؤمنين عليه السلام وشيعته فانّهم كانوا سلماً لله ولرسوله وكانوا اصحاب نصّ من الله ورسوله ولا اختلاف فيه ولذلك اصحاب امير المؤمنين عليه السلام اعتقدوه مفترض الطّاعة بخلاف اصحاب ابي بكر { هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ للهِ } لا يشاركه فيه سواه لأنّه المنعم بالذّات { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } فيشركون به غيره لفرط جهلهم.