خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لَّوْ أَرَادَ ٱللَّهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً لاَّصْطَفَىٰ مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ سُبْحَانَهُ هُوَ ٱللَّهُ ٱلْوَاحِدُ ٱلْقَهَّارُ
٤
خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ يُكَوِّرُ ٱللَّيْـلَ عَلَى ٱلنَّهَـارِ وَيُكَوِّرُ ٱلنَّـهَارَ عَلَى ٱللَّيْلِ وَسَخَّـرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُـلٌّ يَجْرِي لأَجَـلٍ مُّسَـمًّى أَلا هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفَّارُ
٥
خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُـمْ خَلْقاً مِّن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاَثٍ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ ٱلْمُلْكُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ
٦
إِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلاَ يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ ٱلْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُواْ يَرْضَهُ لَكُمْ وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُـمْ فَيُنَبِّئُكُـمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ
٧
وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُوۤ إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلنَّارِ
٨
-الزمر

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (4) لَوْ أَرَادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا } كما زعموا ونسبوا اليه الملائكة والمسيح وعزير { لاصْطَفَى } لاختار { مِمّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ } قيل اي ما كان يتّخذ الولد باختيارهم حتّى يضيفوا اليه من شاؤوا بل كان يختص من خلقه من يشاء لذلك نظيره لو اردنا ان نتّخذ لهواً لاتّخذنا من لدنّا { سُبْحَانَهُ } عن الشريك والصاحبة والولد { هُوَ اللهُ الْوَاحِدُ القَهَّارُ } ليس له في الأشياء شبيه ولا ينقسم في وجود ولا عقل ولا هم.
كذا في التوحيد عن امير المؤمنين عليه السلام في معنى واحديّته تعالى.
{ (5) خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللّيلِ } يغشى كلّ واحد منهما الآخر كأنّه يلفّ عليه لفّ اللّباس باللاّبس او يغيبه به كما يغيب الملفوف باللّفافة او يجعله كاراً عليه كروراً متتابعاً تتابع اكوار العِمامة { وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِى لأَجَلٍ مُسَمّىً أَلاَ هُوَ الْعَزِيزُ } الغالب على كلّ شيء { الْغَفّارُ } حيث لم يعاجل بالعقوبة.
{ (6) خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا } قد سبق تفسيره في سورة النساء { وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ } اهلي ووحشيّ من البقر والضّان والمعز وبخاتيّ وعراب من الابل كما مرّ بيانه في سورة الأنعام.
في الاحتجاج عن امير المؤمنين عليه السلام في هذه الآية قال انزاله ذلك خلقه ايّاه { يَخْلُقُكُمْ فِى بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ } حيواناً سويّاً من بعد عظام مكسوّة لحماً من بعد عظام عارية من بعد مضغةٍ من بعد علقة من بعد نطفة في نهج البلاغة ام هذا الذي انشأه في ظلمات الأرحام وشغف الاستار نطفة دهاقاً وعلقة محاقاً وجنيناً وراضعاً ووليداً ويافعاً { فِى ظُلُمَاتٍ ثَلاَثٍ }
في المجمع عن الباقر عليه السلام والقمّي قال ظلمة البطن وظلمة الرّحم وظلمة المشيمة.
وفي التوحيد عن الصادق عليه السلام مثله وزاد حيث لا حيلة له في طلب غذاء ولا دفع اذى ولا استجلاب منفعة ولا دفع مضرّة فانّه يجري اليه من دم الحيض ما يغذوه كما يغذو الماء النبات فلا يزال ذلك غذاؤه حتّى اذا اكمل خلقه واستحكم بدنه وقوي اديمه على مباشرة الهواء وبصره على ملاقاة الضّياء هاج الطلق بامّه فأزعجه اشدّ ازعاج فأعنفه حتّى يولد { ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ } الذي هذه افعاله هو المستحقّ لعبادتكم والمالك { لَهُ الْمُلْكُ لاَ إِلهَ إِلاّ هُوَ } اذ لا يشاركه في الخلق غيره { فَأَنّى تُصْرَفُونَ } يعدل بكم عن عبادته الى الاشراك.
{ (7) إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِىٌّ عَنْكُمْ } عن ايمانكم { وَلاَ يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ } لاستضرارهم به رحمة عليهم { وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ } لأنّه سبب فلا حكم وقرئ باسكان الهاء وباشباع ضمّتها.
القمّي فهذا كفر النعم وفي المحاسن مرفوعاً قال الكفر ههنا الخلاف والشكر الولاية والمعرفة { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } بالمحاسبة والمجازاة { إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدورِ } فلا يخفى عليه خافية من اعمالكم.
{ (8) وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ } لزوال ما ينازع العقل في الدلالة على انّ مبدأ الكلّ منه سُبحانه { ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ } اعطاه تفضّلاً فانّ التحويل مختصّ بالتفضّل { نِعْمَةً مِنْهُ } من الله { نَسِىَ مَا كَانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ } اي الضّرّ الذي كان يدعو الله الى كشفه { مِنْ قَبْلُ } من قبل النّعمة { وَجَعَلَ للهِ أَنْدادًا } شركاء { لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ } وقرئ بفتح الياء { قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النّارِ } امر تهديد فيه اشعار بأنّ الكفر نوع تشهٍّ لا مستند له واقناط للكافرين من التمتّع في الآخرة القمّي نزلت في ابي فلان.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام أنّه سئل عن هذه الآية فقال نزلت في ابي الفصيل انّه كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم وآله عنده ساحراً فكان إِذا مسّه الضرّ يعني السّقم دعا ربّه منيباً اليه يعني تائباً اليه من قوله في رسول الله ما يقول ثمّ اذ خوّله نعمة منه يعني العافية نسي ما كان يدعو اليه من قبل يعني نسي التّوبة الى الله تعالى ممّا كان يقول في رسول الله صلّى الله عليه وآله انّه ساحر ولذلك قال الله عزّ وجلّ { قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النّارِ } يعني إِمْرَتَكَ على الناس بغير حقّ من الله عزّ وجلّ ومن رسوله قال ثمّ عطف القول من الله عزّ وجلّ في عليّ عليه السلام يخبر بحاله وفضله عند الله تبارك وتعالى فقال.