خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّآ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ بِمَآ أَرَاكَ ٱللَّهُ وَلاَ تَكُنْ لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً
١٠٥
وَٱسْتَغْفِرِ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً
١٠٦
وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ ٱلَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً
١٠٧
يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَىٰ مِنَ ٱلْقَوْلِ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً
١٠٨
-النساء

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (105) إنّا أَنْزَلْنَا إلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ } بما عرفك وأوحى به إليك.
في الكافي عن الصادق عليه السلام والله ما فوض الله إلى أحد من خلقه إلا إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم وإلى الأئمة قال الله عز وجل إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله وهي جارية في الأوصياء.
وفي الاحتجاج عنه عليه السلام إنه قال لأبي حنيفة وتزعم أنك صاحب راي وكان الرأي من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم صواباً ومن دونه خطأ لأن الله قال فاحكم بينهم بما أراك الله ولم يقل ذلك لغيره { وَلاَ تَكُنْ لِلْخَائِنيِنَ } لأجلهم والذب عنهم { خَصِيماً } للبراء.
{ (106) وَاسْتَغْفِرِ اللهَ } مما هممت به { إنَّ اللهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً } لمن يستغفره.
القمّي كان سبب نزولها أن قوماً من الأنصار من بني أبيرق أخوة ثلاثة كانوا منافقين بشير ومبشر وبشر فنقبوا على عم قتادة بن النعمان وكان قتادة بدرياً واخرجوا طعاماً كان أعده لعياله وسيفاً ودرعاً فشكا قتادة ذلك إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم فقال يا رسول الله ان قوماً نقبوا على عمي وأخذوا طعاماً كان أعده لعياله وسيفاً ودرعاً وهم أهل بيت سوء وكان معهم في الرأي رجل مؤمن يقال له لبيد بن سهل فقال بنو ابيرق لقتادة هذا عمل لبيد بن سهل فبلغ ذلك لبيداً فأخذ سيفه وخرج عليهم فقال يا بني ابيرق اترمونني بالسرق وأنتم أولى به مني وأنتم المنافقون تهجون رسول الله وتنسبونه إلى قريش لتبين ذلك أو لأملأن سيفي منكم فداروه فقالوا له ارجع رحمك الله فانك بريء من ذلك فمشي بنو ابيرق إلى رجل من رهطهم يقال له اسيد بن عروة وكان منطقياً بليغاً فمشي إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم فقال يا رسول الله ان قتادة بن النعمان عمد إلى أهل بيت منا أهل شرف وحسب ونسب فرماهم بالسرق وأتاهم بما ليس فيهم فاغتم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم من ذلك وجاء إليه قتادة فأقبل عليه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم فقال له عمدت إلى أهل بيت شرف وحسب ونسب فرميتهم بالسرقة فعاتبه عتاباً شديداً فاغتم قتادة من ذلك ورجع إلى عمه وقال يا ليتني من ولم أكلم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم فقد كلمني بما كرهته فقال عمه: الله المستعان فأنزل الله في ذلك على نبيه إنا أنزلنا إليك الكتاب (الآيات).
وفي المجمع ما يقرب منه قال وكان بشير يكنى أبا طعمة وكان يقول الشعر ويهجو به أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم ثم يقول قاله فلان.
وفي الجوامع يروى أن أبا طعمة بن ابيرق سرق درعاً من جار له اسمه قتادة بن النعمان وخباها عند رجل من اليهود فأخذ الدرع من منزل اليهودي فقال دفعها إليّ أب طعمة فجاء بنو ابيرق إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم وكلموا أن يجادلوا عن صاحبهم وقالوا ان لم تفعل هلك وافتضح وبرئ اليهودي فهمَّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم أن يفعل وأن يعاقب اليهودي فنزلت وفي معناه ما روته العامة مع زيادات.
{ (107) وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ } جعل المعصية خيانة لها كما جعلت ظلماً عليها لأن وبالها يعود عليها { إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّاناً } مبالغاً في الخيانة مصراً عليها { أَثِيماً } منهمكاً فيه.
{ (108) يَسْتَخْفُونَ مِنَ النّاسِ } يستترون منهم حياء وخوفاً { وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ } ولا يستحيون منه وهو أحقّ بأن يستحيى منه ويخاف { وَهُوَ مَعَهُمْ إذْ يُبَيِّتُونَ } يدبرون ويزورون بالليل { مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ } من رمي البرئ.
القمّي يعني الفعل فوقع القول مقام الفعل { وَكَانَ اللهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً } لا يفوت عنه شيء.