خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَنَجَّيْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يتَّقُونَ
١٨
وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَآءُ ٱللَّهِ إِلَى ٱلنَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ
١٩
حَتَّىٰ إِذَا مَا جَآءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
٢٠
وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوۤاْ أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ٱلَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
٢١
وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ وَلَـٰكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ ٱللَّهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً مِّمَّا تَعْمَلُونَ
٢٢
وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ ٱلَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِّنَ ٱلُخَاسِرِينَ
٢٣
فَإِن يَصْبِرُواْ فَٱلنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ فَمَا هُم مِّنَ ٱلْمُعْتَبِينَ
٢٤
وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَآءَ فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ فِيۤ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُواْ خَاسِرِينَ
٢٥
وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَسْمَعُواْ لِهَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ وَٱلْغَوْاْ فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ
٢٦
-فصلت

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (18) وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ }.
{ (19) وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللهِ إِلَى النّارِ } وقرئ بالنون وضمّ الشين { فَهُمْ يُوزَعُونَ } القمّي اي يجيئون من كلّ ناحية.
وعن الباقر عليه السلام يحبس اوّلهم على آخرهم يعني ليتلاحقوا.
{ (20) حَتّى إِذَا مَا جَاءُوهَا } اذا حضروها وما مزيدة لتأكيد اتّصال الشهادة بالحضور { شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } بأن ينطقها الله.
{ (21) وَقَالُوا لِجلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِى أَنْطَقَ كُلَّ شَىْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } القمّي نزلت في يوم تعرض عليهم اعمالهم فينكرونها فيقولون ما عملنا شيئاً فتشهد عليهم الملائكة الذين كتبوا عليهم اعمالهم.
قال الصادق عليه السلام فيقولون لله يا ربّ هؤلاء ملائكتك يشهدون لك ثمّ يحلفون بالله ما فعلوا من ذلك شيئاً وهو قول الله عزّ وجلّ يوم يبعثهم الله عزّ وجلّ جميعاً فيحلفون له كما يحلفون لكم وهم الذين غصبوا امير المؤمنين عليه السلام فعند ذلك يختم الله على السنتهم وينطق جوارحهم فيشهد السّمع بما سمع ممّا حرّم الله ويشهد البصر بما نظر به الى ما حرّم الله عزّ وجلّ وتشهد اليدان بما اخذتا وتشهد الرّجلان بما سعتا فيما حرّم الله عزّ وجلّ ويشهد الفرج بما ارتكب ممّا حرّم الله ثم انطق الله عزّ وجلّ السنتهم فيقولون هم لجلودهم لم شهدتم علينا الآية.
{ (22) وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ } قال اي من الله { أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ } قال الجلود الفروج.
وفي الكافي عنه عليه السلام في هذه الآية قال يعني بالجلود الفروج والافخاذ وفي الفقيه عن امير المؤمنين عليه السلام فيها قال يعني بالجلود الفروج { وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللهَ لاَ يَعْلَم كثيراً مِمّا تَعْمَلُونَ } فلذلك اجترأتم على ما فعلتم وقيل معنى الآية كنتم تستترون النّاس عند ارتكاب الفواحش مخافة الفضاحة وما ظننتم انّ اعضاءكم تشهد عليكم فما استترتم عليها وقيل بل معناه وما كنتم تتركون المعاصي حذراً ان يشهد عليكم جوارحكم بها لأنّكم ما تظنّون ذلك ولكن ظننتم انّ الله لا يعلم كثيراً ممّا تعملون لجهلكم بالله فهان عليكم ارتكاب المعاصي لذلك.
{ (23) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمْ الَّذِى ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ } اذ صار ما منحوا للاستسعاد به في الدارين سبباً لشقاء المنزلين.
القمّي عن الصادق عليه السلام قال قال رسول الله صلّى الله عليه وآله انّ آخر عبد يؤمر به الى النار فاذا امر به التفت فيقول الجبّار جلّ جلاله ردّوه فيردّونه فيقول له لم التفت اليّ فيقول يا ربّ لم يكن ظنّي بك هذا فيقول وما كان ظنّك بي فيقول يا ربّ كان ظنّي بك ان تغفر لي خطيئتي وتسكنني جنّتك قال فيقول الجبّار يا ملائكتي لا وعزّتي وجلالي وآلائي وعُلوّي وارتفاع مكاني ما ظنّ بي عبدي هذا ساعة من خير قطّ ولو ظنّ بي ساعة من خير ما روّعته بالنار اجيزوا له كذبه وادخلوه الجنّة ثمّ قال رسول الله صلّى الله عليه وآله ليس من عبد يظنّ بالله عزّ وجلّ خيراً الاّ كان عند ظنّه به وذلك قوله عزّ وجلّ { وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمْ الَّذِى ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ }.
{ (24) فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنّارُ مَثْوًى لَهُمْ } لا خلاص لهم عنها { وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا } يسئلوا العتبى وهي الرجوع الى ما يحبّون { فَمَا هُمْ مِنَ المُعْتَبِينَ } اي لا يجابوا الى ذلك ونظيره قوله تعالى حكاية
{ { أَجَزِعْنَآ أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ } [إبراهيم: 21].
{ (25) وَقَيَّضْنَا } وقدّرنا { لَهُمْ قُرَنَاءَ } القمّي يعني الشياطين من الجنّ والانس { فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ } من أمر الدنيا واتّباع الشهوات { وَمَا خَلْفَهُمْ } من امر الآخرة وانكاره { وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ } اي كلمة العذاب { فِى أُمَمٍ } في جملة امم { قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ } وقد عملوا مثل أعمالهم { إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ }.
{ (26) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لاَ تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ } وعارضوه بالخرافات القمّي وصيّروه سخريّة ولغواً { لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ } تغلبونه على قراءته.