خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَجَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ ٱلإنسَانَ لَكَفُورٌ مُّبِينٌ
١٥
أَمِ ٱتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُم بِٱلْبَنِينَ
١٦
وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَـٰنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ
١٧
أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي ٱلْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي ٱلْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ
١٨
وَجَعَلُواْ ٱلْمَلاَئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمْ عِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنَاثاً أَشَهِدُواْ خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ
١٩
وَقَالُواْ لَوْ شَآءَ ٱلرَّحْمَـٰنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ
٢٠
أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً مِّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ
٢١
بَلْ قَالُوۤاْ إِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ ءَاثَارِهِم مُّهْتَدُونَ
٢٢
وَكَذَلِكَ مَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَآ إِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ ءَاثَارِهِم مُّقْتَدُونَ
٢٣
قَٰلَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَىٰ مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَآءَكُمْ قَالُوۤاْ إِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ
٢٤
فَٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُكَذِّبِينَ
٢٥
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَآءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ
٢٦
إِلاَّ ٱلَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ
٢٧
وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
٢٨
-الزخرف

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (15) وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا } قيل متّصل بقوله ولئن سئلتهم اي وجعلوا له بعد ذلك الاعتراف من عباده ولداً فقالوا الملائكة بنات الله سمّاه جزء لأنّ الولد بضعة من والده القمّي قوله وجعلوا له من عباده جزء قال قالت قريش انّ الملائكة هم بنات الله سمّاه جزء لأنّ الولد بضعة من والده القمّي قوله وجعلوا له { مِن عِبَادِهِ جُزءًا } قال قالت قريش انّ الملائكة هم بنات اللهِ { انَّ الإِنسانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ } ظاهر الكفران.
{ (16) أَمِ اتّخَذَ مِمّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصفَاكُمْ بِالبَنِينَ } معنى الهمزة في اَمُ الانكار والتعجّب من شأنهم حيث لم يقنعوا بان جعلوا له جزء حتّى جعلوا له من مخلوقاته اجزاء اخصّ ممّا اختير لهم وابغض الاشياء اليهم بحيث اذا بشّر بها احدهم اشتدّ غمّه به كما قال.
{ (17) وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ للرَّحْمَنِ مَثَلاً } بما جعل لله شبهاً وذلك انّ كلّ ولد من كلّ شيء شبهه وجنسه { ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا } صار وجهه اسود في الغاية لما يعتريه من الكآبة { وَهُوَ كَظِيمٌ } مملوء قلبه من الكرب.
{ (18) أَوَمَنْ يَنْشَؤُا فِى الْحِلْيَةِ } او يجعلون له من يتربّى في الزّينة يعني البنات { وَهُوَ فِى الْخِصَامِ } في المجادلة { غَيْرُ مُبِينٍ } للحجّة يقال قلّما تتكلم امرأة بحجّتها الاّ تكلّمت بالحجّة عليها وقرئ ينشؤ بالتشديد اي يربّى.
{ (19) وَجَعَلُوا الْمَلاَئِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا } كفر آخر تضمّنه مقالهم شنّع به عليهم وهو جعلهم اكمل العباد واكرمهم على الله انقصهم رأياً واخصّهم صنفاً وقرئ عند الرّحمن على تمثيل زلفاهم { أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ } احضروا خلق الله ايّاهم فشاهدوهم اناثاً فانّ ذلك ممّا يعلم بالمشاهدة وهو تجهيل وتهكّم بهم وقرئ ءَاُشْهِدُوا خلقهم بهمزة مضمومة بعد همزة الاستفهام { سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ } التي شهدوا بها على الملائكة { وَيُسْئَلُونَ } عنها يوم القيامة.
{ (20) وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاّ يَخْرُصُونَ }.
{ (21) أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ } من قبل القرآن ينطق على صحّة ما قالوه { فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ }.
{ (22) بَلْ قَالُوا إِنّا وَجَدْنَا آبَائَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ } اي لا حجّة لهم على ذلك من جهة العقل ولا من جهة النظر وانّما جنحوا فيه الى تقليد آبائهم الجهلة والامّة الطريقة التي تؤمّ.
{ (23) وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِى قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإنّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ } تسلية لرسول الله صلّى الله عليه وآله ودلالة على انّ التقليد في نحو ذلك ضلال قديم وفي تخصيص المترفين اشعار بأنّ التنعم وحبّ البطالة صرفهم عن النظر الى التقليد.
{ (24) قُلْ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ } يعني اتتبعون آبائكم ولو جئتكم بدين اهدى من دين آبائكم وهو حكاية امر خاض اوحي الى النذير او خطاب لنبيّنا صلّى الله عليه وآله وقرئ قال اي النذير { قَالُوا إِنّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ } اي وان كان اهدى اقناطاً للنّذير من ان ينظروا او يتفكّروا فيه.
{ (25) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ } بالاستيصال { فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ } ولا تكترث بتكذيبهم.
{ (26) وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ } واذكر وقت قوله هذا ليروا كيف تبرّأ عن التقليد وتمسّك بالبرهان او ليقلّدوه ان لم يكن لهم بدّ من التقليد فانّه اشرف آبائهم { لأبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِى بَرَاءٌ ممّا تَعْبُدُونَ } بريء من عبادتكم او معبودكم مصدر نُعِتَ به.
{ (27) إِلاّ الَّذِى فَطَرَنِى فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ } هداية بعد هداية.
{ (28) وَجَعَلَهَا } اي كلمة التوحيد { كَلِمَةً بَاقِيَةً فِى عَقِبِهِ } في ذريته ليكون فيهم ابداً من يوحّد الله ويدعو الى توحيده ويكون اماماً وحجّة على الخلائق { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } يرجع من اشرك منهم بدعاء من وحّده.
وفي الاكمال عن السجاد عليه السلام قال فينا نزلت هذه الآية { وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِى عَقِبِهِ } والامامة في عقب الحسين عليه السلام الى يوم القيامة.
وفي العلل عن الباقر عليه السلام وفي المعاني والمناقب والمجمع عن الصادق عليه السلام مثله.
وفي الاحتجاج عن النبيّ صلّى الله عليه وآله في خطبة الغدير معاشر النّاس القرآن يعرّفكم انّ الأئمّة عليهم السلام من بعده من ولده وعرّفتكم انّهم منّي وانا منهم حيث يقول الله عزّ وجلّ وجعلها كلمة باقية في عقبه وقلت لن تضلّوا ما ان تمسّكتم بهما.
وفي المناقب ان النبي صلّى الله عليه وآله سئل عن هذه الآية فقال الامامة في عقب الحسين عليه السلام يخرج من صلبه تسعة من الأئمّة منه مهديّ هذه الأمّة والقمّي لعلّهم يرجعون يعني الأئمّة عليهم السلام يرجعون الى الدنيا.