خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

سَيَقُولُ لَكَ ٱلْمُخَلَّفُونَ مِنَ ٱلأَعْرَابِ شَغَلَتْنَآ أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَٱسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرّاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعاً بَلْ كَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً
١١
بَلْ ظَنَنْتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ ٱلرَّسُولُ وَٱلْمُؤْمِنُونَ إِلَىٰ أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ ٱلسَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْماً بُوراً
١٢
وَمَن لَّمْ يُؤْمِن بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّآ أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيراً
١٣
وَلِلَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً
١٤
سَيَقُولُ ٱلْمُخَلَّفُونَ إِذَا ٱنطَلَقْتُمْ إِلَىٰ مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُواْ كَلاَمَ ٱللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَٰلِكُمْ قَالَ ٱللَّهُ مِن قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُواْ لاَ يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلاً
١٥
قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ ٱلأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَىٰ قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِن تُطِيعُواْ يُؤْتِكُمُ ٱللَّهُ أَجْراً حَسَناً وَإِن تَتَوَلَّوْاْ كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِّن قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً
١٦
لَّيْسَ عَلَى ٱلأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّٰتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَٰرُ وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَاباً أَلِيماً
١٧
-الفتح

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (11) سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الأَعْرَابِ } قيل هم اسلم وجهينة ومزينة وغفار استفزهم رسول الله صلّى الله عليه وآله عام الحديبية فتخلّفوا واعتلّوا بالشّغل باموالهم واهاليهم وانّما خلّفهم الخذلان وضعف العقيدة والخوف عن مقاتله قريش ان صدّوهم.
والقمّي هم الذين استنفرهم في الحديبيّة ولمّا رجع رسول الله صلّى الله عليه وآله الى المدينة من الحديبية غزا خيبر فاستأذنه المخلّفون أن يخرجوا معه فقال الله تعالى سيقول المخلّفون إذا انطلقتم الى قوله الاّ قليلا { شَغَلَتْنا أَمْوَالُنَا وَأهْلُونا } اذ لم يكن لنا من يقولم باشغالهم لنا { فَاسْتَغْفِرْ لَنَا } من الله على التخلّف { يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ } تكذيب لهم في الاعتذار والاستغفار { قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً } فمن يمنعكم من مشيئته وقضائه { إِنْ أَرادَ بِكُمْ ضَرّاً } ما يضرّكم كقتل او هزيمة وخلل في المال والاهل وعقوبة على التخلف وقرىء بالضم { أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعَاً } ما يضادّ ذلك { بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً } فيعلم تخلّفكم وقصدكم فيه.
{ (12) بلْ ظَنَنْتُمْ َأنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً } لظنّكم انّ المشركين يستأصلونهم { وَزُيِّنَ ذلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ } فتمكّن { وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً } هالكين عند الله لفساد عقيدتكم وسوء نيّتكم القميّ اي قوم سوء.
{ (13) وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيراً } نبّه على كفرهم ثمّ سجّل عليه بوضع الظاهر موضع الضمير.
{ (14) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } يدبّر كيف يشاء { يَغْفِرُ لِمَنْ يَشآءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَآءُ وَكَانَ اللَّهُ غَفوراً رَحِيماً } فانّ الغفران والرّحمة من دأبه والتعذيب داخل تحت قضائه بالعرض ولذلك جاء في الحديث القدسي سبقت رحمتي غضبي.
{ (15) سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ } يعني المذكورين { إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها } يعني مغانم خيبر { ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ } ان يغيّروه وهو وعده لأهل الحديبية ان يعوّضهم من مغانم مكّة مغانم خيبر وقرىء كلم الله { قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا } نفي في معنى النهي { كَذلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ } من قبل تهيّئهم للخروج الى خيبر { فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا } ان نشارككم في الغنائم { بَلْ كَانُوا لاَ يَفْقَهُونَ إلاَّ قَلِيلاً } الاّ فهماً قليلاً وهو فطنتهم لامور الدنيا.
{ (16) قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الأَعْرَابِ } كرّر ذكرهم بهذا الاسم مبالغة في الذمّ واشعاراً بشناعة التخلّف { سَتُدْعُوْنَ إِلى قُوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ } قيل هم هوازن وثقيف { تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ } اي يكون احد الامرين { فَإِنْْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمْ اللَّهُ أَجْراً حَسَناً } هو الغنيمة في الدنيا والجنّة في الآخرة { وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ } عن الحديبية { يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً } لتضاعف جرمكم.
{ (17) لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ } لمّا اوعد على التخلّف نفى الحرج عن هؤلاء المعذورين استثناء لهم عن الوعيد { وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِها اْلأَنْهَارُ } وقيل فصّل الوعد واجمل الوعيد مبالغة في الوعد لسبق رحمته ثم جبر ذلك بالتكرير على سبيل التعميم فقال { وَمَنْ يَتَولَّ يُعَذِّبْهُ عَذاباً ألِيماً } اذ الترهيب هنا انفع من الترغيب وقرىء ندخله ونعذّبه بالنون.